Thursday, March 27, 2014

الحقوقية فاطمة بنت انجيان عن المجتمع المدني و الحراك الشبابي الافتراضي و أشياء أخرى - الجزأ الثالث

كان هذا دائما على هامش ذلك اللقاء السريع الذي جمعني بالسيدة بنت انجيان في الرباط  قبل أن تختطفني طائرة الخطوط التركية إلى المدينة العذبة.......


 أخذنا الحديث حتى حالة الميوعة و توزيع الالقاب الجزافي الذي يغرف فيه الوطن بنخبته و إعلامه، فصرنا كلنا كتابا و لا كتاب في المكتبة و كلنا صحافة و محققين و لا صحافة أصلا و كلنا رياضيين محترفين و لا اندية و كلنا فنانين و كلنا موسيقيين و كلنا دكاترة و كلنا باحثين و كلنا و كلنا و كلنا و الادهى و الامر انه ليس فقط الكاتب بل الكاتب الكبير. و الاعلامي الفذ النافذ و الرسام العبقري و كل هؤلاء لا يعرف عنهم من في موريتانيا أصلا فكيف بمن يقبع خلف غبار مساحة مطار نواكشوط الدولي الرمادية. و كلنا مواقع اخبارية و لا موقع واحد لا يثير الخجل و كلنا ناشطين  و مدونين. لا الإثنتان تثيران الضحك و الاستغراب اكثر من كل شيء، هل تعرف الآن على الشاشات فقط فلان مدون و مدون دخلت على الخط في وقت كان فيه لقب "الناشط " يحتل الصدارة .

المشكلة التي أشارت إليها السيدة بنت انجيان انطلاقا حتى من بعض التجارب التي عاشتها، هي الميوعة و توزيع الالقاب جزافا و عدم الاكتفاء بتخصص أو مهارة يركز عليها الشخص و ينتج فيها و يبدع، فهي مثلا تقدم نفسها كحقوقية كمجال اختصاص و نشاط و اهتمام و ترفض ما تسميه التطفل على أي تخصص لا صلة لها به إعلاما كان أو أدبا أو غيره. و هذا حقيقة هو ما ينقصنا في مجتمع الفوضى و العبثية، أن يسأل كل واحد نفسه من هو أًصلا  هل هو كاتب هل هو راقص هل هو هاو هل هو رسام ؟ هل هو ناقد؟ هل هو سياسي ؟ هل هو اقتصادي؟ هل هو باحث؟ هل هو ناشط مجتمع مدني؟ و هل و هل؟؟؟؟ لكن المشكلة أن كل واحد يريد أن يكون كل هؤلاء في وقت واحد.
تذكرت هنا جمعية كنت دائما أمر على مقرها في دار النعيم إسمها لا يصدق جمعية كذا لمكافحة الفقر و الحفاظ على البيئة و مكافحة السل و السيدا و الثقافة و التطوير و التنمية و و و و. لا أبالغ كان إسمها نصا فقرة مستحكمة. هذا بالضبط هو حال قومنا. والواحد يقدم هذا على أنه ميزة و إبداع لكن حين تذهب لتعرف كم الكتب المنشورة للكاتب لا تجد حين تبحث عن كم اللوحات للرسام لا تجد عن عدد مسرحيات المسرحي العظيمة لا تجد عن انجازات الصحفي العظيم الكبير لا تجد عن الناقد الجليل لا تجد... و الكل يتشابك في عبثية في تلك الفيافي الممتدة من ام اقرين شمالا الى نهر السينغال جنوبا، لا يعرف رأسه من قدميه.
فضاع الصحفي في محاولاته ليكون مسرحي و ضاع المصور في محاولاته ليكون صحفي و ضاع الباحث في محاولته ليكون سياسي و ضاع الاقتصاد في دهاليز النشاط المدني ......
قد يسأل البعض ما مرد هذا. مرده ان الشباب كان حين يغادر جامعة نواكشوط بتخصص مائع لا يعني شيئا لسوق العمل ، يجد الحل الوحيد في أن يحاول وضع يد و رجل في كل شيء فيضع يدا في الصحافة وواحدة في الثقافة و رجلا في الفن و رجل اخرى في المجتمع المدني و يضع أنفا في السياسة و أذنا الاقتصاد و التجارة و يبدأ يتقدم بهذا الكم الهائل الذي سيتساقط على أمل أن يصل بواحد على الأقل و في حالات كثيرة يصل دون شيء من هذا كله و يبقى ضائعا يقدم نفسه على انه فنان و صحفي و كاتب و ناشط و مدون و محلل و مبرمج و مصمم و وووووو
ثم في النهاية تطرقت معي السيدة لفلسفتها في التدوين و هي فلسفة أوافقها الرأي فيها، قالت ببساطة: أن التدوين بالنسبة لها ردة فعل آنية على أحداث معينة، بعيدا عن ما يفعله البعض من نشر نصوص عصماء مرتبكة و مربكة.
هنا تذكرت أولئك الكتاب و الادباء و الصحفيون الذي جعلوا من الفيس بوك الجريدة و الموقع و دار النشر و كلية متعددة الاختصاصات لتخريج الطلاب و منحهم شهادات.

ثم خلصنا بعد ذلك لموضوع فتاة تعلمت و نهلت من أبيها قولا و فعلا... و في صور مختصرة معبأة بكل مشاعر الصدق قدمت لي شخصية رجل احترمته دوما و سأحترمه أبدا لأشياء كثيرة لعل أبسطها كونه ربى شخصا بقيمة الحقوقية السيدة بنت انجيان


..... يتواصل 

Wednesday, March 26, 2014

لقاء عبدالله بالحقوقية بنت انجيان / لقاء الرئيس بالشباب - الجزأ الثاني


في حديث سريع حول لقاء الشباب، تبادرت الفكرة، كان معظم الحاضرين ممن صموا أذاننا بصراخهم في الفيس بوك و غيره، و كان نارا تلظى على الوضع، لكن تفاجأنا بهم و كأن عملية غسل دماغ تمت ، كانوا بصدد قراءة بعض الشعر الهندي هم أيضا، فجأة تراءى لهم السيد عزيز و كأنه النبي المنظر و الرئيس الذي انتظروه سنين. أنا لم أتابع اللقاء لكن تابعت لقظات سريعة فيها بعض متقني فن التصفيق.
من وجهة نظري الإشكالية تكمن في غياب التاطير الذاتي حتى، فالذين يدونون انكبوا فقط على الصفحات المفتوحة و دون أن يسألوا أو يراجعوا انفسهم و دون أن تكون لديهم فلسفتهم المعينة للتأثير و صناعة التغيير بدأوا يسبحون بعبثية في تيار افتراضي بلا هدف. لذلك حين وضعوا في الامتحان فشلوا فشلا ذريعا حين وضعوا امام الواقع لم ينقذهم عبث الافتراض. بنت انجيان هادئة لتأخذ نفسا و تردف أن ما فاجأها الحديث عن مواضيع يمكن الحديث عنها مع مدير مصلحة أو مع اي كان و لفت انتباهها أيضا أن يؤكد المنظمون أن الشباب تم اختيارهم على أفكارهم و مشاريعهم و أنهم نخبة النخبة و في النهاية يحصل أمر من ذلك القبيل و يتحدث في مواضيع. ما تؤكده لك بنت انجيان دائما هو احترامها للجميع الحاضرين ، لكن تفاجأت من نقاش بعض المواضيع التي لا تبدو أولوية امام رئيس الجمهورية.
تذكرت أنا الدجاج الفاسد و محاكمات التاريخ، " يا الللللللله" . هكذا تحدثك بنت انجيان عن القصة:
قال أحدهم : إن التاريخ إن التاريخ إن التاريخ سيحاكمكم.
رفع الرئيس أذنيه فلربما لديه حساسية مفرطة فيما يتعلق بالمحاكمات إن لم يكن خوفا من شيء معين فببساطة بسبب الحس العسكري. خاف ولد عبد العزيز قليلا لربما.
فأردف السيد: إن لم تترشحوا لفترة ثانية.
الحقيقة البسيطة أن كل ناشطينا و مناضلينا و كتابنا و خبرائنا و محللينا و دكاترنا و كل تلك الالقاب التي تلقى جزافا، كلهم ظهروا بارتباك اطفال المدارس الابتدائية أمام المدير، و بدأوا يكررون بعض العبارات التي أقل ما يقال عنها أنها ساذجة و سطحية. و مناقشة مواضيع لا تبدوا ذات أولوية. لو كنت رئيس الجمهورية حقيقة لقاطعتهم و قلت لهم : نحن أتينا لنحل مشاكل أمة ليس لمناقشة دجاج و بيض و الكل يتحدث عن مؤهله العلمي .
كان يكفي لو وقف أحدهم : شكرا السيد الرئيس. في هذا المجال نعاني من و من و من ومن ...
و انتم و حكومتكم فعلتم كذا و كذا و كذا و أنا أقترح كذا و كذا و كذا باختصار ، و الامر الأخر الذي لا أفهمه لماذا الجميع يصر على أن يتحدث بالفصحاء ، ذلك مجرد تجل من تجليات حالة الارتباك ، و كأن عزيز يفهم في العربية اكثر من الحسانية.
الخلاصة هنا أن بنت انجيان تقاسمت معي فكرة أن المشكلة هي الهوة بين الافتراض و كل ما يعج به و الواقع و ما نحتاجه هي انشطة واقعية.لقد اصبحت لنا دولة و حكومات و مجتمع مدني و و و و و على الفيس بوك نحن منشغلون بها عن الدولة في الواقع و مشاكلها و الدليل أننا حين نزلنا لمشاكل الدولة أمام رئيسها وجدنا أنفسنا ضائعين في عبارات "اتهيدين"
الدرس الأول الذي تستخلصه هو أن النشاط و التغيير ثقافة و فلسفة ليس فقط عبث أفتراضي، كم حصل من "لايك" و "تعليق" على تدوينة كذا و كذا لكن ماذا حصل امام الرئيس؟ لا شيء.
نحتاج لنردم تلك الهوة، و نعمل على تأطير و تنظيم هذا العبث الافتراضي لنوجهه لصالح الدولة و المجتمع، وتجلس قنواتنا تبحث عن صنيعة العبث الافتراضي و تدخل على الخط هي الأخرى و لانها لم تجد شيئا في الواقع تنشغل بمعالجات و متابعات و مقابلات الافتراض و الافتراضيين.

عرجنا على مبادرة 4 دجمبر، التي تبدو بالنسبة لي درسا بسيطا، نعم في البداية أردتها أن تكون مبادرة أمة نلتقي في اطارها كل الساسة و الفاعلين أغلبية و معارضة ببساطة لأني لا أرى فرقا بين الإثنين و فلسفاتهم السياسية، أردت أن يلتقي الشباب نخبرة الاغلبية و المعاهدة و المعارضة و المنسقية و غيرها فردا فردا و تقديم صورة سياسية واضحة من نتاج فكر شاب ثاقب مؤمن بالوطن و قضاياه. لكن لا يعني ذلك أني لا احترم للقائمين عليها توجيهها فقط للمعارضة. نعم تقدمت نخبة و التقت اطرافا في صناعة السياسة الوطنية و قدموا وجهة نظرهم. و خلصوا للنتائج التي تمنوها. ثم أعلنوا حل المبادرة. تقول فاطمة أن أحدهم طلب إليهم أن لا يحلوا المبادرة و يواصلوا العمل فيها. فردت لماذا؟ هي كانت لهدف و تم تحقيقه و انتهى الأمر.

أخبرك لماذا يسألها؟ لأن المبادرات عندنا ببساطة دائما ما تكون استراتيجيات استرزاقية، يبدأ أحدهم مبادرة ليبيعها لاحقا لافرق لديه للأغلبية أو المعارضة أو يبقى يصرخ فيها صراخا غير منطقي و لا موضوع لهدف آخر.

لقاء عبدالله بالحقوقية بنت انجيان / لقاء الرئيس بالشباب - الجزأ الاول

التقيت مساء الاثنين الماضي بالعاصمة المغربية الرباط، السيدة الحقوقية فاطمة بنت انجيان، بعد فترة كنت أتابع فيها عن قرب نشاطاتها و تعاطيها مع الأحداث الجارية في موريتانيا ، تجدر الإشارة إلى أن السيدة بنت انجيان هي بنت ولد انجيان الذي لا يزال غموض يلف حدث رحيله عن عالمنا خلال الانقلاب العسكري الأخير.
بالنسبة لي بدا أن لقائي بها يخطف الأضواء أضوائي أنا على الأقل من لقاء الرئيس بالشباب، ببساطة لأنه في مرحلة ما بدا لي أن ما ناقشناه كان أكثر جدية و فائدة من الدجاج الفاسد و محاكمات التاريخ التي ستحاكم عزيز إن لم يترشح ثانية. في ذلك الوقت القصير الذي استرقته قبل أن تدق ساعة الرحيل، وجدتني أمام سيدة تعلمت دوما أن تدافع عن قناعاتها ذلك ببساطة ما يعلمك إياه أب عرف بالاتزان و المهنية و كان قدوة حقيقة للعسكري الوطني المتميز، فما عرفته من كل الأجيال التي حدثتني عن الرجل أنه كان رجلا في قمة الاستقامة و كان مثالا حقيقا.
هذه سيدة كبرت في بيئة لم تعلمها يوما أن هنالك أبيض و أسود و عرق عن عرق، كان تتغدى في اسرة من هذا العرق و تتعشى مع هذا و تفرح بفرح الاثنين. في مرحلة لاحقة وجدت نفسها أمام واقع مختلف يملي ان دولة موريتانيا دولة تعيش حالة خطيرة من الاستقطاب العرقي، حينها أيضا بدأت تدافع عن قناعاتها في انها دولة واحدة و شعب واحد، حين خرجت للسياسية ببساطة من يريد  إدراك الامور بعمق ، وجدت نفسها أمام حالات شعب يقاسي و يئن و حين تحدث عن قصة ذلك المنتخب المحلي الذي وجدته و اسرته يعانيان قلة الحيلة و الضعف و أكد دونما ما مجال للشك أنه بالطبع سيصوت للحزب الحاكم: قاطعت الكثيرين من الحاضرين و فاجأتهم لم يستحضروا أنها بنة عسكري يؤمن بالقناعة و القيم و الوطن أكثر من ولاءات حزب أو معطيات سياسة، قالت له: لو كنت مكانك لما صوتت له ، ولماذا أفعل؟
و توقفت و طالبت أن يتم تحويل النشاط إلى نشاط للاطلاع على أوضاع الشعب بدل أن يكون حملة. حينها كانت فاطمة بنت انجيان ولن أقول الناشطة لآن ذلك مصطلح استهلكه الغوغائيون كثيرا، حينها كانت القناعات تكبر و تتشكل و تتعمق، تتذكر أحداث إينال بألم و هي التي عملت على رسالة تخرج بالخصوص، و لكن لا تخفي أن حالات مبالغات لفت الموضوع لاحقا،
بتلقائية مطلقة و هدوء تقدم لك السيدة بنت انجيان دروسا نحتاجها في وطن القناعات المائعة و ميوعة القناعات أو بطريقة أخرى في وطن قل ما يتحرك فيه متحرك بقناعة. لم تكن بنت انجيان بحاجة لأن تكون ناشطة في المجتمع المدني كما يحتاجها الكثير و يلجؤون إليها لأسباب مختلفة، لكنها كانت اقتنعت ان عليها لعب دورها كمواطنة من النخبة المثقفة. فاخذت تصارع بقناعتها أيضا في مجتمع مدني ضائع مائع لا يفهم نفسه و لا يفهمه أحدا أصلا.
تعطيك بنت انجيان في عجالة قصص ملهمة قصيرة، رائعة العناوين.

-      تتابعون في الاجزاء القادمة : النشاط الافتراضي و التغيير في الواقع في الشباب الموريتاني و قراءة سريعة للقاء الشباب، و مشكل الوحدة الوطنية و إشكالية الميوعة في الالقاب فتجد الكاتب اللاعب الناقد الأدبي المهندس المعماري و هو شخص واحد. و غيره مما تحدثت فيه مع الناشطة فاطمة بنت انجيان.


صعب ان يرحل المعلم و القدوة و المثال فكيف إذا كان هو أيضا الأب، و الأصعب أن يكون الراحل حاضرا في تفاصيل وطن و أمة و الأكثر صعوبة أن تكون مع كل ذلك لا تزال تحتفظ ببعض الأسئلة العالقة . لكن الجميل أن يترك أحدهم شخصا و يتأكد أن سيدافع عن كل القيم الرائعة و النبيلة التي علمه إياها يوما
..... يتواصل . 

Sunday, March 16, 2014

ثلاثي اللقاء: عزيز و الشباب و الأمل

عبدالله أحمدمحمود
كاتب إعلامي – اسطنبول

تابعت مساء يوم ماضي حلقة من برنامج على التلفزيون الوطني يستضيف بعض الأشخاص من العاملين على التحضير و تنظيم للقاء الرئيس ولد عبدالعزيز مع الشباب.  ما ركز عليه المتحدثون هنالك هو أن اللقاء هو لقاء غير تقليدي،  و أنه مفتوح للشباب للتعبير فيه عن آرائه و للقاء القاعدة الشابة الصانعة للتغيير و القمة.
أول ما أعلن اللقاء و قدم موقعه الإلكتروني حيث يمكن للراغبين في المشاركة ملأ استمارات الكترونية، بدأ التعليقات و كانت في مجملها سلبية، تنظر للقاء كفكرة جديدة للمتاجرة بالشباب و استغلالهم و لذر الرماد في العيون و لا تعدو مجرد لعبة. هدات الأمور في بدايتها و لم ينل اللقاء اهتماما كبيرا في الوسط خاصة الشبابي الناشط. هي الثقافة السياسية السائدة في مجتمع وجد نفسه في لحظة ما مضطرا لأن يبتلع ثقافة سياسية ما في مرحلة واحدة تماما كما ابتلع المدنية و ابتلعته. دون نظر إلى أي تفاصيل و لا متعلقات من ناحية آليات ووسائل و الطريقة التي سيتم تسيير العملية بها. بحالة عدمية سطحية بدأت التعليقات الرافضة للأمر في شكله. و هذا جزء لا يتجزأ من ثقافة مترسخة في الوعي السياسي حتى النخبوي منه.
فثنائية المعارضة و الأغلبية التي عرفها البلد منذ الإستقلال ظلت دائما قائمة على ضرب كل ما يقوم على الجانب الآخر في الصفر. و من الأسباب هي ان الانتماء السياسي قائم على أسس قبلية و جهوية و عائلية بعيدة عن المنطق السياسي المنضبط و الناضج. ثم بعد انفجار الكتروني و حركة النشاط و التدوين و المرحلة التحولية التي يشهدها البلد من حالة المليون شاعر للمليون موقع الكتروني و المليون ناشط. هذه الجزء من الثقافة السياسية المنتشرة و التي مع الأسف بدل أن يتضاعف إيماننا بأن تلك حالة ستزول مع جيل ننتظر بقارق الصبر زواله عن المشهد السياسي الموريتاني الذي جثم عليه طيلة عقود من الزمن. بدل ذلك فإن نفس الثقافة انتقلت إلى الجيل الجديد من الناشطين وا لسياسيين الذين ينتظر أنهم يحملون الامل الجديد في سياسة وطنية تخبطت منذ ظهورها في غياهب و "سكمارات" القبيلة. إن الدولة لن تقطع خطوة واحدة للأمام كما هو حاصل مادام بالنسبة للمعارضة لا شيء من الأغلبية ياتي يستحق غير الرفض و بالنسبة للأغلبية لا شيء يأتي من المعارضة يستحق. و يظل وطن الإنتظار بين الإثنين يعدم كل لاحق ما قام به سابق من خربشات دون النظر إن كان فيها ما يفيد على قلته.
أنحصرت الانتقادات الموجهة للقاء، في نقطة التاريخ و كونه جزء لا يتجزأ من حملة الرئيس الانتخابية، و تساءل النقاد لماذا الآن بالضبط و لماذا لم ينظم سابقا ، و تساءلوا أيضا عن النتائج و متابعة توصيات قادمة صدرت من منتديات التعليم و لقاءات أخرى مختلفة لم يتم تنفيذ أي شيء منها قائلين أن نفس الأمر سينطبق على هذا اللقاء الذي حمل إسم "أنتم الأمل" الذي يبدو في حقيقته شعارا مكررا ساذجا و على رأي الكاتب السابق الذي قال أن عبارة "You are the future " هي ضحك على عقول الشباب كونها حقيقة مطلقة تمليها طبيعة الحياة. لكن ما يحتاجه الشباب هو خطوات تعينه على تشكيل ملامح هذه المستقبل. قد لا أتفق مع بعض جزئيات اللقاء كهذه التسمية مثلا التي تبدو تقليدية جدا على عكس ما أخبر به مسؤول الاعلام و قومه في ذلك المساء التلفزيوني رمادي غامض الألوان. لكن أيضا لا أتفق مع منتقدي اللقاء في أشياء تبدو لي أكثر. فكون اللقاء يدخل في إطار الحملة الانتخابية ، أظن ان الأمر مشروع لحدما ، و النقطة هنا هي في التعامل معه للوصول به إلى نهاية خاصة و أننا لا نملك الآن أي دليل على أن المختارين هم فقط من الأغلبية و لا انهم من جهة معينة او توجه معين. لماذا هذه الأحكام المسبقة الساذجة التي لا تدخل في المعطى السياسي بتجاذباته و استراتيجياته في شيء. إن رفض اللقاء لمبرر كهذا لا يعدو كونه حالة تجلي بسيطة لحالة القصور الوعي التي انتقلت وراثيا من الجيل الذي لا يزال يرفض أنه يكون سابقا إلى الجيل الحالي. إن الهدف من المعارضة و الاغلبية أصلا هو منافسة ايجابية تخدم الصالح العام للمواطن. و اللقاء على كل سقطاته المتوقعة و التي يتفنن البعض في رسم خطوطها، هو الآن يتبع أسلوبا و برنامجا سليما قائما على صفحة الكترونية مفتوحة للجميع خاصة و أننا جميعا أصبحنا ناشطين، و لا أرى لمقاطعته من مبرر فبدل أن تصرخ على الصفحات و الشوارع و غيرها و التي هي صرخات الهدف منها فقط من المفترض أن يكون وصولها للأغلبية و المعارضة و غيرهما من اجل التغيير و تحسين الواقع بدل ذلك هذه فرصة تقف فيها مباشرة أمام أحد المعنيين و تصرخ في وجهه بكل انتقاداتك و مآخذك على كل المسار الديمقراطي و التنموي للبلد. لا أرى مبررا من أي نوع يجعل الواحد يرفض أن يوصل رسالته ووجهة نظره بشكل مباشر و امام الرأي العام كله. حين يحصل إقصاء أو تقمع او ترفض فكرتك او وجهة نظرك تلك هي الساعة التي يشرع لك فيها الرفض و الاحتجاج. و المقاطعة لا تكون حلا خاصة في دولة لا زالت في خطوات الأولى لما تستوي بعد. إذن حين نتجاوز نقطة أن اللقاء يدخل في إطار الحملة الانتخابية للرئيس الحالي، و التي حتى و إن كانت فيبقى أيضا دخولك فيها و رفضك و تعليقك و رأيك مهما فيها لإقحامها و توضيح كل مساوئها. حين نتجاوز هذه ماذا يبقى من المآخذ؟ يبدو هذا سؤال قد يقود لتفكير منطقي.
بالنسبة لي ببساطة، مهما كثرت سلبيات اللقاء فإن الحالة الاجتماعية و الاعلامية و الثقافية و السياسية بكل خصوصياتها تجعل لقاء من هذا القبيل في قمة الأهمية. خاصة في ظل حالة انفتاح ترفض الوصاية على تفكير أي شخص او وجهة نظره. و حين نفكر بمنطقية بعيدا عن هواية الرقص في الطرقات و عبادة كهنوت القبيلة و توجهاتها التي لا تعبؤ ببلد  و لا وطن نجد أن اللقاء حتى و لو كان ليوم واحد و انتهى و لم تتابع توصياته و لا توجيهاته يبقى مهما، لأنه شكل نقطة يمكن أن تصرخ انت فيها و انا في وجه الرئيس رافضين بعض السياسات و مقترحين بعض الحلول و ناظرين بموضوعية يمليها الوعي الثقافي و السياسي لخدمة البلد.
و بإمكان القائمين على هذا اللقاء ليس فقط استهلاكه محليا و الأخذ به كأساس حقيقي لإشراك حقيق و جاد و فعال للشباب في المسار التنموي للبلد، إن كانوا جادين حقا في الأمر، لكن جديتهم هي أمر يحكم عليه لاحقا. مادام ليس هنالك ما يخسر حاليا. فضلا عن ذلك هذا لقاء إذا ما نجحت الدولة الموريتانية في تسويقه إقليميا و محليا فهو رائد من نوعه فكرة و جميل أن يصاحبها تنفيذ لائق. خاصة و ان موريتانيا الان رئيس للاتحاد الافريقي و الحراك الافريقي الشاب الآن في أوجه. فبه قد تقدم موريتانيا مثلا آخر يحتذى في سبيل التعاطي مع المعطى الأفريقي الصامت، و يحتذى كخطوة فعالة في صناعة تغيير حقيق أساسه الشباب و أفكراه و رؤاه التي تتماشى مع الواقع و انتظارات المستقبل بشكل ربما أنضج جدا و على الأقل تثير نقاط قد تتناسها أجيال افريقية  من القادة عبدت دوما الكراسي و العمولات و الاستماع لإملاءات المستعمر. ربما تفتح موريتانيا عصر الإستماع للقاعدة الشعبية الشابة و استخدامها كقوة داخلية قادرة على ان تهزم كل الاستراتيجيات و الضغوط الخارجية.
لقاء الشباب كفكرة و كرؤية خطوة تستحق الإشادة، كل ما تحتاجه أن يتوقف الضائعون بين السياسة ومتطلباتها و النشاط  و مهنيته و يفكروا بمهنية و موضوعية و نضج يضع صالح البلد فوق كل اعتبار. و اظن أن الشباب الموريتاني اليوم وصل مرحلة نضج كفيلة بان تجعله يعرف كيف يلعب اللعبة السياسية بحنكة مع الجميع أغلبية و معارضه، فيعرف كيف يستغل أنشطتهم بدل أن يسمح لهم بإستغلاله فيها. مادمنا نحن الأمل و المستقبل فاللعبة السياسة هي لعبتنا ليست فقط لعبة شيوخ المعارضة و الأغلبية. و ما دمنا طرفا في هذه اللعبة فالطريقة الأفضل للعبها ليس باعتزالها فذلك فقط يتيح لهم مساحة أكبر للتصرف و يربك أكثر و يبطؤ خطوات وطن بالكاد يخطو و لا يعرف أصلا إن كان يخطو إلى الأمام أو إلى الخلف. إذن فليدخل الشباب هناك و ليلعب بكل نضجه فتخاريف الأجيال السياسية المعمرة لم تعد قابلة للحياة لكنها تحتاج جيلا يلعب اللعبة بطريقة مختلفة ليس جيلا يستخدم وسائلهم هم التي يعرفونها جيدا ليهزمهم بها لأن ذلك مستحيل فتلك وسائل خبروها لعقود. اما الشباب كجيل جديد فهو محظوظ لان لديه وسائل أكثر و أسهل و أقدر و لا أدل على ذلك من "النشاط"... إذن لندخل و نلعب معهم اللعبة بنضج يخدم مصلحة الوطن بعيدا عن كل تلك التجاذبات الضيقة التي حكمت و تحكم عقولنا و تفكيرنا و نشاطنا.


Saturday, March 15, 2014

جلسة وطنية - ولد منصور

بعيدا عن كل شيء، أظن أن شخصية كولد منصور على مراوغاتها و أشيائها و على ما حدثتني به بعض الصديقات من عرفات قديما حين كان حينها هنالك، رغم عدم اعترافي بوجود ساسة و لا سياسة في بلد الميوعة المطلقة و العبثية، رغم كل ذلك، أظن شخصية كولد منصور بحضورها الإعلامي و طرحها المتماسك مع الهفوات التي يستشفها مطلع على حيثيات و استراتيجيات التوجه الايديولوجي السياسي و السياسي الايديولوجي خصوصا الايديولوجية العقدية الدينية، رغم كل ذلك إلا أنه شخصية سياسة يحق لي كمواطن بسيط أن أفخر بوجودها في ساحتنا السياسة، و اعترف بحقه الكامل في استخدام كل الوسائل المتاحة لديه من مراوغات و استخدام للغة و الدلالات  و حتى تطويع لكل شيء، فهو كسياسي من حقه استخدام كل تلك الوسائل. و على منافسيه من سياسيين و مثقفين أن يحترموا قيم المنافسة، و يتوقفوا عن النعت بالصفات المائعة. فساحتنا ببساطة إن كان فيها ما يمكن وصفه بحزب أو سياسي هو هذا الحزب و بعض رجالاته مع تحفظي على لغة محمد غلام خصوصا في خرجاته العامة و الاعلامية لأني ببساطة أرى فيها هبوطا و انحطاطا يسيء للغة الرجل و طرحه. فهو ببساطة يستخدم أحيانا عبارات و تعبيرات في قمة الهبوط.
ربما يقفز بعض أشبال القبيلة و أطفال الناشطين الأن و ينعتونني بتواصلي كما قفز آخرون و نعتوني بالعزيزي، لكن من هنا اطل من نافذتي على دولة الميوعة و سياسيي و ناشطي التيه ، و الراكضين على هوامش صفحات الافتراض في عبثية تثير الاشمئزاز، لا يعنيني كثيرا مما ثرثراتهم الغبية.
الحزب الاسلامي في موريتانيا بعيدا عن مراوغات الرجل ، هو حزب اسلامي اخواني ، يتفنن بإتقان في استخدام اللغة و الدين و تطويعها لطرحه السياسي. هذه حقيقة لكن الحقيقة الاخرى هو أنه حزب منظم له قاعدة شعبية و شابة خصوصا نشطة، و له صلات اقليمية مع تياره الاخواني.
في برنامج جلسة وطنية، واضح أن الرجل كان على مستوى الاسئلة ببساطة بل و حتى أقحم و أفحم و أربك المقدمين ، مع ان حضور صاحب الكرفتة كان جميلا و كان تفاعله لابأس به، في ظل " استاتو" المقدم الثاني الغير جيد من ناحية طريقة الجلسة و نبرة اللغة و النشاط في الطرح ، حيث يبدو كشخص لم يشرب قهوة من يومين و في حاجة للنوم أو ليركن إلى أريكة يضجع عليها بكسل.
عالج البرنامج : رأي الحزب في الشريعة و الحكم بالشريعة ، فرد الرجل موضحا أن الحدود تقام فقط بعد أن يقام حكم شرعي متوافر الشروط كلها بعدها يأتي الحديث عن الحدود، رفض الرجل نعت الحزب بالاخواني مع التأكيد على علاقات مميزة مع الاحزاب التي تتبنى الاسلام كمرجعية، بالنسبة لقضية الحدود ظل الرجل في الاطار العام....قضية الشريعة و تطبيقها عرفت تقديم الرجل الأمر في شكله العام رافضا الحديث مثلا عن فرض الزي أو غلق النوادي اللليلة مؤكدا ان الأخيرة يجب أن تغلق الآن حتى.
ثم بدأ تكرارا الأغنية مجتمع محافظ و مجتمع متدين............

Thursday, March 6, 2014

إن صح حرق المصحف ...فأختيار ذلك المسجد كان مركزيا ..

مع أننا لازلنا نتايع ارهاصات بعض الهواة التي تتجاذب قصص أصحاب التاكسي و بائعات الكسكس في شوارع نواكشوط، فكل يحدث عن قصته و اخر ما كان ينقصنا أن يلعبوا لنا دور المحقق "واتسون" أو محقق آخر و تجد بعضهم يقدم أسقاطات و مسافات و الباب الأمامي و الباب الخلفي و معزاة في الشارع الكبيرة و سيارة تنطلق من الشارع الصغير و بين العشاء و المغرب و طفل صغير و كانت سيارة رباعية الدفع و خماسية المحركات و هذا و ذاك ، و تجد احدهم يصور ويقول من هنا و عين المكان و أذن الحدث . و بين كل هذا لا تجد شيئا مقنعا على الإطلاق و لا حتى على طريق الإقناع تشبه قصصهم تماما قصة الضابط الماضي في حادثة الرصاصة مع إضافة صغيرة تتعلق برتوش الهواة من حيث رسم السيناريو و الصورة.
بعد أن أستدعي إمام المسجد أنا طالبت بقضية واحدة أن لا يقدم لنا الإمام على شاشة التلفزة الوطنية تماما كما قدم لنا ذاك الضابط تلك المرة.
يعني في غياب مطلق عن أي خبر موثوق ، أحدهم يحقق و يؤكد حرق المصحف و آخر يحقق و يؤكد قصة المعزاة و آخر يؤكد قصة تلامذة المحظرة و إمام يقدم الأمر على انه أمر طبيعي في كل محاظر البلد فمصاحفها كلها مهترئة من دون اغلفة و ممزقة. في غياب كل ذلك . من حقي أن أقدم روايتي:
لنفترض أن المصحف حرق، حينها و من المؤكد أول ما سيقفز لأذهانيا من هو عدو موريتانيا من هو عدو المجتمع ؟ في صالح من أن تثور ثائرة المجتمع فيحرق و يحرق . و سأخبر لاحقا بأنه كان من المفترض أن لا نلبي له رغبته فنستنكر طبعا و لا نحتاج للنزول للشارع فبديهي ان موريتانيا من أقصاها لاقصاها تستنكر و ترفض و تطالب بمعاقبة الجناة. لماذا؟
بالنسبة لي لن يصل بولد داداه حبه للرئاسة و كرهه لعزيز أن يحرق المصحف و لن يصل بولد منصور و لا بولد مولود و لا بفبراير و حركته و لا اليسار و مشكلته مع الإسلاميين ، لن يصل بأي منهم الأمر ان تقفز إلى ذهنه فكرة الذهاب لجامع قابع حتى رواده يجدون صعوبة في العثور عليه أحيانا و يتم حرق المصحف و تمزيقه . مع انه هنالك فرق بين حرق و مزق و نحن لا نعرف أيهما حصل بالتحديد.
إن صح حرق المصحف فالنزول للشارع موجه لمن؟ هل نفترض مثلا ان أيا كان في مجتمع كالمجتمع الموريتاني و رئيسه سيريد السكوت على حرق المصحف و التغاضي عنه هذا غباء ، إذن هل نوجه مظاهراتنا لأنفسنا ؟ المظاهرات تحصل حين تكون هنالك جهتان و نحن هنا يجب أن نكون في قالب واحد و مجموعة واحدة و إن كان لابد من مظاهرات فكان المفترض التنسيق مع الجميع بما فيهم عزيز، و حينها تكون مظاهراتنا موجهة مثلا لأمريكا أو الأمم المتحدة لتأتي و تعاقب حارق المصحف. إن هذه المظاهرات هي من الاهداف التي يسعى لها من حرق المصحف و مزقه إن صح الامر، يسعى لإستغلال حالة الشحن العقدي و السياسي لتمزيق مجتمع ممزق أًصلا ، لتمزيق الممزق و تقطيع المقطع. و هنا الأمتحان العسير لإعلام تائه مائع ضائع .
من أقدم على الفعلة يعرف جيدا طبيعة المجتمع الموريتاني و طبيعة إعلامه فاختار المكان بعيدا ضيقا ليتيح للإعلام أن يجرب كل خيالاته و سيناريوهاته ما يضمن أن يستمر اللغط دائما فيخرج عليك كل يوم موقع أو جريدة بسيناريو جديد، و يعرف حساسية المجتمع خاصة في مرحلة كتلك التي عرفت كل تلك الهزات العقدية و القيمية ، فالعاعل كان لديه سيناريو كامل فمثلا يفكر في أن المعارضة و بعض جهات الاعلام المحسوبة عليها ستعمل على أن تستخدم القضية ضد النظام و يعلم انها جهات في مرحلة عجز بعد ما نظمت الانتخابات و بعدما لم يأت ابن عباس و ساحاته بالمطلوب. يعني كانت لديه قراءة كاملة للنتائج و حصلت بالطبع كما توقع و تصور.
الحل في ان يحاول الإعلام أن ينضج ولو لمرة واحدة في عمره و تاريخه فيقف كله على القضية بروية و أناة تضع صالح موريتانيا فوق ثنائية الاغلبية و المعارضة و عزيز و احمد و منصور و مولود و مسعود و غيرهم. و يعرف ان الأمر إن صح فهو مخطط يستهدف المجتمع الموريتاني ككل و لا يخص عزيز عن منصور و يقف بعض اشبال القبيلة ترهاتهم و تحليلاتهم بأن الإعتداء على المقدسات هو نتاج ضعف النظام و يبحثوا عن نقاط ضعف النظام الكثيرة غير هذه . فالمطالبة بطرد سفارة اسرائيل و ضمان الحريات و حريات الصحافة لها ضرائبها هي الأخرى على الجميع خاصة المطالبن بالأمر أن يكونوا على أستعداد لدفعها 

Wednesday, March 5, 2014

بدأ من نواكشوط - و لخبار شنهي / حمزو براين

بعد ما أثاره الفيديو كليب  الذي أصدرته موريماكس ل  "حمزو براين" منذ أشهر و الذي ظهرت فيه معه الشابة "ليلى مولاي" في زي غير الزي الموريتاني التقليدي "الملحفة" بعدما أثاره الفيديو من ضجيج و صراعات و مناقشات بين تيارات فكرية و بين وسائل إعلام حيث وصل الأمر أن جماعات رفعت قضايا و آخرين نعتوا حمزو و ليلى بالانحراف و بأن جهات خارجية ترعاهم و غير ذلك.
ضجيج كثير أثاره الفيديو كليب ذاك، انتهى كالعادة حيث اختطف الاعلام و الرأي العام قضايا أخرى.و أصر الثنائي مع الشركة التي تولت انتاج الفيديوعلى ان العمل يدخل في اطار فني بحث، و استجلب الامر حتى قضية العرقية ، حيث توجد ضمن مكونات المجتمع الموريتاني فئات لا ترتدي الملحفة أصلا، و قام الشيوخ و قعدوا و المثقفون و الاعلاميون و غير ذلك.
منذ أسابيع نشر على موقع اليوتيوب تسجيل صوتي لأغنية بعنوان : لخبار شنهي؟ بدا الفيديو ردا بسيطا بطريقة فنية على التعليقات التي عقبت الفيديو الأول متسائلا حمزو براين عن "لخبار شنهي" ماذا يحصل و لماذا تم وصفه في الفيديو الاول بتلك الصفات و يقدم الفيديو بعض الردود على بعض تلك النعوت. مع حمزو كان يوجد شخصان آخران ،  و كانت الاغنية بنفس اسلوب حسانية و فرنسية و انجليزية ممزوجة مع تكسير لبعض المصطلحات لا شك لضرورة الوزن على رأي أهل الشعر.
كانت الاغنية هادئة على نمط الراب في فقرة منها حوارية ساخرة حول قضية القميص الامريكي الذي ظهر به حمزة في الفيديو كليب الماضي، و متعدد الحركية الموسيقية في صيغة راب حديث تعتمد الهدوء أساسا.
هنا رابط الأغنية:  http://www.youtube.com/watch?v=Yq14G8NseoU&feature=youtu.be


هذا و تجد الإشارة أن موريتانيا في السنوات الاخيرة تشهد حركية في مجال الراب و الهيب هوب قادها أفراد و مجموعات كاولاد لبلاد مثلا و حمزو براين و غيرهم و دخلت ليلى مولاي على الخط كأول فتاة موريتانية تقريبا تدخل هذا المجال امام رفض اجتماعي واسع، ظهرت أمامه ليلى قوية معبرة عن رؤيتها و محاولة إقناع الجميع بأنها مستمرة في ذلك الطريق.

بيان الشيخ الددو حول الاحداث الأخيرة - هل حرق مصحف حقا أم إعلاميونا هم من حرقوا المصاحف ؟

لا يمكن أن تجد أرقى من هذا البيان: أولا الإعلام و مطالبته بمهنية والله لا تبدو في الأفق بالنسبة لي، حديثه عن كون الجميع اغلبية و معارضة يجب أن تتحد في مسائل كهذه، حديثه عن الشرطة و استخدام العنف، العلماء و دورهم المفترض، و الأهم الحديث عن امكانية وجود أيادي خفية خصوصا يهودية و هو الذي لا يريد أحد الإشارة إليه لأنه ربما بالنسبة لهم يشكل نقطة ايجابية لتلك الجهة أو هذه....
تركيز الشيخ على الإعلام غاية في النضج، لأن الحادثة حين تقصيها سنجد أنها لا تتعدى كون بعض أطفال المحظرة الذين كانوا يستخدمون هذه المصاحف للكتابة منها ، ربما اخذوها ونسوها في مكان غير مناسب، ربما كان احدهم يقرأ منها و وضعها دون التفكير كثيرا في مكان ما. و نعرف جميعا كاشخاص ارتادوا المحاظر سنوات أن المصاحف التي نكتب منها تكون ممزقة جدا و مهترئة و عليها الحبر من كل جهة و المشايخ لا يقولون لنا شيئا بالخصوص، حين كنت في المحظرة كنت أخذ ورقتين من المصحف أكتب منهما و يأخذ صديقي ورقة و يأخذ آخرون أوراقا و كان آخر ما نعبأ به الأغلفة، و هذا كله من عبثية المجتمع و فوضويته لم يقل لنا شيخ و نحن صغار أن المصحف حين يصل تلك الدرجة احتراما له يجب أن نتركه و نأخذ آخر بل كان يقسم أوراقه بيينا اقتصادا ربما.... بمعنى القصة حين ننزع منها رقص هواة الاعلاميين و جو الشحن العقدي و التجاذب الفكري الذي يشهده البلد قد لا يعدو قصة من هذا القبيل 
ما في هذا البيان هو التوازن المرجو . مع أني متأكد أن أشبالا من هواة الإعلام على أساس توجه أو ايديولوجية معينة سيحورون البيان و يعنونوه تارة في هذاالاتجاه و تارة في ذاك ...


بيان السيد محمدالحسن ولد الددو بخصوص الأحداث الأخيرة التي حصلت من الحديث عن تمزيق المصحف إلى المظاهرات و نتائجها. هنا مقتطف من البيان و ما في الاعلى مجرد قراءة مع الوقوف على بعض نقاط البيان:
نص الفتوى- الصفحة 2نص الفتوى- الصفحة 21-      يجب على الجميع حكاما و محكومين أن يضجوا إلى الله بإنكار هذا المنكر الشنيع.
2-      يجب على أولياء الأمر –وفقهم الله- أن يبحثوا أن الجناة حتى ينزلوا بهم أقسى العقوبات و ينفذوا فيهم حكم الله.
3-      يجب على العلماء أن يقوموا بالقسط و أن يبلغوا رسالات الله و أن لا تأخذهم في الله لومة لائم، و أن يفعلوا ما فعل الامام مالك بن أنس رحمه الله حين أراد حاكم المدينة تعطيل حد الذي قتل أخاه غيلة، فقال مالك و الله لا أتكلم في العلم حتى يقتل، فأضرب عن العمل فماجت المدينة حتى قتل.
4-      يجب على عموم الشعب أن يكون إنكارهم للمنكر بالمعروف و أن لا يعتدوا، و أن يحافظوا على أمن الأرواح و الأموال و أن يتقيدوا بالضوابط و الآداب الشريعة.
5-      يجب على رجال الأمن أن لا يتعرضوا للمتظاهرين السلميين فمهمتهم حفظ الأمن لا إثارة الفوضى و حفظ الأنفس لا إزهاقها. و السلاح المشترى بمال الشعب لا يجوز أن يستغل لقتل الشعب و إذلاله بدون سبب.
نص التفوى- الصفحة3نص التفوى- الصفحة36-      يجب على وسائل الاعلام الرسمية و الحرة أن تلتزم الصدق و العدل و أن لا تكون وسيلة للتحريض و الإفساد.
7-      يجب أن يعلم الجميع أن التعامل مع هذا النوع من الجرائم لا يكون بالتجاهل أو التشكيك.
8-      يجب أن يخاف الجميع أن تكون أيدي اليهود و من هاد إليهم من وراء هذا المنكر.
9-      يجب أن تكون هذه الأحداث الجسيمة داعية لوحدة الصف و اجتماع الكلمة و تقارب و جهات النظر، فلا خلاف في إنكارها بين الجميع

Friday, February 28, 2014

قبل المنتدى بحاجة للتكتل و بعده بحاجة للتواصل

موضوع حول منتدى المعارضة المزمع عقده 



عبدالله أحمدمحمود
كاتب إعلامي 

من المتوقع أن يعقد غدا ما يسمى منتدى المعارضة و الوحدة أو منتدى المعارضة كما تختصر الكثير من وسائل الاعلام الوطنية الأمر، هذا منتدى يثير كثيرا من اللغط فبالنسبة للبعض يبدو المنتدى المستحيل و بالنسبة للأخر المنتدى الأمل و آخرين حتى لم يلقون بالا. تجدر الإشارة إلى أن الإعلان عن المنتدى جاء في صيغة خجولة باهتة باردة ، تليق فقط برجالات سياسة الخيام و أهلها ممن لا يعرفون معنى ان تعيش في عالم انفجار اعلامي  تحكمه الخرجات الإعلامية الموفقة. فجأة بدأ الحديث هنا و هناك عن ما يسمى منتدى المعارضة وو، و المهتمون بدأو يسألون و يتساءلون أسئلة مشروعة حول خرجة من ذلك النوع. حتى قبل الإعلان عن المنتدى نفسه كان خبر تعليق حزب التكتل المشاركة فيه قد خطف كل الأضواء فلم يعد أحد يهتم لتفاصيل المنتدى و أهدافه بقدر ما يهتم لسبب تعليق حزب التكتل المشاركة فيه. لكن رب ضارة نافعة فتعليق المشاركة جعل الكثيرين يبحثون بجدية عن المنتدى و متعلقاته و شكله و مضمونه و ذلك للحصول على جواب حول سؤال تعليق التكتل المشاركة. هل أن ولد داداه كان يريد أن يكون المرشح التوافقي للمنسقية أم أنه كان يريد رئاسة المنتدى، أم أن للأمر متعلقات أخرى.
يسجل المراقب ملاحظات على هامش هذه الخربشات الإعلامية و الخرجات الغير موفقة من رجال سياسة لخيام، أولهم طريقة الإعلان عن المنتدى لا توحي بجديته و لا بمفصليته في الإشكال، فلو كانت المعارضة و من معها جادين كان المنتدى ليأخذ زخما أقله كزخم مطالبات الرحيلة السالفة. ثانيا: المنتدى يشكل نقطة التقاء لكثير من المتناقضات التي لا أثق في الحنكة السياسية الوطنية لتستوعبها بكل أشيائها. الملاحظة الأهم ربما هي أن المنتدى على رأي المؤمنين فيه و بدوره سيجمع ثلاثي المعارضة و المجتمع المدني و المستقلين، و حقيقة الخلط الحاصل معي هو المجتمع المدني ألا يعتبر مستقلين في مرحلة ما أم من جهة أخرى المستقلون هم مجتمع مدني خاصة إن اسقطنا على خصوصيات مجتمعنا المدني في موريتانيا الخاصة جدا. أم أنه في النقطة هنا هنالك خلط بين المجتمع المدني و المجتمع المدني المعارض مثلا. أظن أن حالة الميوعة التي نعيشها في كل شيء تؤثر في كل شيء معنا.
أنا شخصيا من ناحية مبدئية أرى المنتدى فرصة لقاء جميلة إذا و فقط إذا نجح "المجتمع المدني" في إعطاء بعض الدروس للقادة السياسيين، و نجح في تجديد آلية و ميكانية التفكير السياسي لديهم و اشتغل على تأهيلهم و تأطيرهم للوصول بهم إلى نقطة يمكنهم فيها منافسة أي كان ولو حتى أسوأ من ولد عبدالعزيز. و في هذه أيضا تبرز مشكلة أننا نعرف محليا أن كبار السن خصوصا ممن اقنعوا أنفسهم ببعض الترهات التي لا علاقة لها بالسياسة أكثر مما هي امتداد للدستور القبلي هؤلاء لديهم أدمغة جامدة عصية على التأثير.
السؤال المنطقي هنا: ماذا سيناقش هذا المنتدى خاصة أن بعض مشاركيه قالوا أن مرشحا توافقيا ليست اولوية، إذن هل سيرسم خارطة طريق للحراك المعارض حتى يصل به إلى نقطة يكون فيها قادرا على المواجهة فالكيانات المهترئة بشكلها هذا غير قادرة على هزيمتي حتى إنا الذي لا يعرف أحد إذا ما قررت الترشح للرئاسيات. أظن المواضيع هي الأخرى مختصرة في ورشات، و المعارضة بعد مسلسل المسيرات و الشارع و بعد ساحة بن عباس قرروا العودة لساحة بعض قاعات الفنادق و الورشات و حقا ذلك نضج ووعي يحسب لهم بشرط ان لا يختصر ذلك في نقاشات عقيمة و تداول كؤوس مترعة بالشاي الأحمر. و يبدو حسب ما وصلني من معلومات أن التركيز كل التركيز على الأمور الشكلية من يلقي كلمة المعارضة و من يلقي كلمة المستقلين و من يرقص في حفل الافتتاح و من يغني في النهاية و من يتكلم بإسم فلان.
و السيناريو الذي رسمه أحد المنظمين للمنتدى لمشكلة التكتل هو ان سوء تفاهم حصل، فبعد ما ظن ولد داداه ان خبرا وصله مفاده رئاسة التكتل للمنتدى اكتشف لاحقا ان الأمر يتعلق بالافتتاح و أن ورقة المعارضة سيقدمها تواصل. و بدا الأمر غير واضح للتكتل فأعلن إعلانا أربك منتدى كان مرتبكا من بدايته.
و الجميل أن البعض لازال متمسكا به، و هو أمر إيجابي فعلى ما يتوقع أن يشهده من خلافات و تباعد في وجهات النظر بين حزب ترشح و اخذ مقاعده خارجا على منسقية قاطعت و عاد لتسلم إليه ورقة المعارضة في المنتدى. رغم ذلك المنتدى مهم للإلتقاء و ربما تفعل القاعات و الورشات مالم تفعله الساحات و التظاهرات.
لكن خوفي ، لنا معارضة تبدع في شيء واحد امتصاص المبادرات و اغتيالها بدم بارد، و الناشطون على كل وعيهم و ثقافتهم و نضجهم لم ينجحوا يوما في لعب اللعبة السياسية بشكل دقيق لا مع الاغلبية و لا مع المعارضة فكل ما يحسنوه أن يكونوا جماعة تابعة لأجندة مخرف سياسي . فيوما ماضيا امتصوا الحراك الشاب الذي في مرحلة ما رأينا فيه أمل تشكل ما لم نلحق أن نحدد هويته حتى امتصته القبيلة و المعارضة و ابن عباس، حراك فبراير ظهر في مرحلة حاسمة من التاريخ السياسي لكن كان دون التوقعات و لم يكن على قدر المسؤولية. و الآن ظهرت مبادرات شابة اخرى مؤخرا و ظهر حراك دجمبر و أخاف ان المنتدى هذا أيضا هو بداية امتصاصه في بوتقة السياسة المعهودة لدينا.
إن المأساة أن مجتمعنا المدني و ناشطينا و مثقفينا غير قادرين على لعب اللعبة السياسية لم يجدوا بعد صيغة لمواجهة المدرسة السياسية التقليدية. على كل ما يتصورونه من قدرات و امكانيات و نشاط ، لازالت عقلية الجيل الاول و الذي يرفض الانسحاب إلا إلى القصر أو القبر لازالت عصية عليهم. و السبب ببساطة أن كل ناشط حين يجلس إلى نفسه بعيدا عن بعض الشعارات الموغلة في السخافة يجد أن قناعته بحاجة لمراجعة لماذا هو هناك؟ لرجل لقبيلة لوظيفة أم لماذا ؟ و المؤسف أن الحقيقة هي أنهم إما بين هؤلاء أم آخرين لا يعرفون أصلا لماذا هم هناك؟
و المنتدى مادام يشهد خلافات بهذا الشكل على من يقود و من يقرأ الكلمة و من يرفع العلم و من يفتتح و من يختتم فصدقوني تلك ليس هي أفضل بداية للنجاح في الانتخابات. و اظن من وجهة نظري البسيطة أن مرشحا موحدا يتطلب الكثير من التنازلات التي لا طاقة لشيوخ القبائل بها. و ماذا مثلا لوقال بعضهم عن المنتدى الذي لم يأت بعد نفس ما يقوله البعض الآخر عن لقاء الشباب الذي لم يأت هو الآخر، فيقول لن يأتي بنتيجة و هو بداية لاستغلال المجتمع المدني و الشباب  من طرف المعارضة ، و لن يغير شيئا و لو كانت المعارضة جادة كانت نظمنت منتدى من هذا القبيل من سنوات؟ و أين هي توصيات كل لقاءات المنسقية الماضية و منتدياتها و مؤتمراتها؟ لا يرجى من هذا المنتدى أي قيمة و لا نتيجة و هي لعبة مفضوحة تماما على غرار ما يقول آخرون عن لقاء الشباب.

أمام هذا نجد أنفسنا في حلقة مفرغة، و أمام وطن ينتظر و سينتظر طويلا.

Sunday, February 23, 2014

إعلام مراهق و دولة تحت النضج


عبدالله أحمدمحمود
كاتب إعلامي – اسطنبول

ما يتوقع من إعلام محترم و مسؤول و ناضج و في دولة مثل موريتانيا مع ما تعانيه من غياب عن كل الساحات مكتفية بالتغني بذلك السطر الضائع المليون شاعر و متقوقعة في فضاء سيبة حدوده ارهاصات الهواية، ما يتوقع صبيحة اليوم الموالي لإعلان موريتانيا رئيسا دوريا للاتحاد الافريقي أن يكتسح المانشتات الرئيسية لكل الجرائد و الصفحات الرئيسية لكل المواقع الالكترونية التي ناهزت المليون هي الأخرى على غرار الشعراء أن تكتسح عبارة من قبيل موريتانيا تتسلم رئاسة الاتحاد الافريقي بكل بساطة و جفاف الجملة أن تكتسح كل هذه المانشتات و تكون مدار الحديث خاصة و انها المرة الثانية في تاريخها بعد الأولى مع المؤسس الراحل.   و خاصة أن هذا أمر وقفت ضده جهرا أو سرا جهات كثيرة لم تؤمن بموريتانيا كدولة قائمة بذاتها يوما ما.
أعلنت موريتانيا رئيسا في حين  كان الكثيرون من أقصى القارة السمراءلأقصاها يتساءلون ليس فقط إن كانت هذه دولة أم لا بل ماذا يعني أن يوجد إسم من ذلك القبيل هناك و لماذا يعود الإسم أًصلا؟  ربما لم يجرب أحد من أولئك يوما أن يسأله أحد سؤال بقمة السذاجة بقدر ماهو بقمة المنطقية من حق أي كان أن يسأل : ماهي موريتانيا؟ دون أن يكفهر وجه أحدهم و يقول موريتانيا الشعر و الشعراء و العلم و الادب ، و هي كلها أشياء لا بد لها من مقومات حتى تكون لها معاني دون بقائها مصطلحات جوفاء لا يوحي واقع موريتانيا بشيء من مضمونها. السيدة من جنوب افريقيا تحدثني أنها سمعت اول مرة بموريتانيا حين كانت بطولة اللاعبين المحليين مؤخرا في جنوب افريقيا و جاء إليها أخوها المهتم بالرياضة و المعجب بثقافة و إطلاع اخته فسألها : هنالك دولة مشاركة في البطولة إسمها موريتانيا؟ هل سمعت ببلد بهذا الإسم من قبل؟ فردت عليه ببساطة: لا. و أخذت تقلب جهازها تبحث. لن تجد أكثر من معلومات مبعثرة على غرار تلك التي كانت على موقع وزارة الخارجية المصرية مؤخرا. مع كل ما لدينا من الناشطين و المدونين و الذين ناهزوا المليون هم الآخرين لازال المحتوى الرقمي حول موريتانيا قليل غير دقيق و خاطيء في مجمله. حين أخبرتها أن المساحة تزيد على المليون و نصف كلمتر مربع و الساكنة حوالي الثلاثة مليون و نصف. قالت لذلك السبب لا يعرف أحدكم عنكم شيئا فأنتم ضائعون في مساحة كبيرة. قلت لها ممازحا: نعم حين يريد أحد الخروج لابد أن يتجاوز تلك الفيافي و الاراضي الشاسعة و يتعب قبل أن يخرجها. 
نعم موريتانيا هي بلد غائب عن التاريخ و الجغرافيا و الواقع و الافتراض، علينا ان نعترف بذلك و نعترف بمسؤولياتنا و نتوقف عن ترديد تلك الاغاني المشروخة و نعمل لنخلق وجودا لوطن يسير اتجاه الانعدام. فموريتانيا عرفت في الستينيات اكثر مما تعرف اليوم. مع كبر الخريطة حين تلقي نظرة خاطفة على انتصابة افريقيا إلا أننا عاجزين عن ان نقول للعالم هي هنالك. و ننسحب من مسؤولياتنا بإلقاء اللوم على الآخر.  هي مسؤولية الإعلام و نحن لنا إعلام من الهواة و محترفيه هم وجهاء القبيلة و وسطاؤها و تجارها. مرة سألني إعلامي محترم عن موقع يعتبر رئيسيا ليتابع منه بعض الأخبار عن بلد يراه مهما و غائبا و مغيبا، كان طلبه صعبا جدا فبادرت بإعطائه ما أظنه أحسن مواقعنا شكلا و مضمونا و ما أظنه صمم بعيدا عن خلبطات و خربشات الهواة من ناسخي الجمل و ملصقيها، تفاجات به بعد أسبوع يكتب لي أن الموقع لا يفيد في شيء و صياغته للأخبار رديئة، ربما أسقط على المعايير المتعارف عليها، كان عليه أن يسقط على المعايير المحلية و المعايير القبلية و المعايير الوطنية التي تعتبر الفوضوية و العبثية احد أهم أسسها و أولوياتها.
كانت أفضل وسائل إعلامنا تلك التي نادت على سيبويه صباح اليوم الثاني ساخرة من خطاب ولد عبدالعزيز، لم تجد في الأمر فرصة تذكر فيها بتاريخ تواجد موريتانيا ولا بالدور الذي لعبه المختار ولد داداه في تأسيس اول هيئة أفريقية التي ستصبح فيما بعد الاتحاد الافريقي. و كأننا نساعد الآخرين في تجاهلنا و إلغائنا. ماذا لو سمع بعضهم موريتانيا رئيسا للاتحاد الافريقي و قال لاشك في وسائل الاعلام الموريتانية سنجد الخبر الكامل و نعرف متى انضمت موريتانيا أصلا للاتحاد الافريقي؟ و هل هي حقا جزيرة في عمق الأطلسي كما يتبادر لأذهان الكثيرين ممن لم يسمعوا بالبلد أصلا و يبدأون "يخبطون زرعهم أخظر " على رأي المثل المحلي، فيقول لك أحدهم هي دولة في القارة اللاتينية هذا من أولئك الذين لن يلقوا بها جزيرة ضائعة في الأطلسي.  نعم سيتصفح مواقعنا و إعلامنا و حينها سيسأل من جديد: هل أنت متأكد من أن موريتانيا هي التي سميت رئيسا للإتحاد الافريقي. سؤال مشروع لأنه سيجد واحدا من الواقع ينشر خبرا عن الانتصاب الجنسي و يرى في ذلك ابداعا و ابتكارا اعلاميا، و أحدهم يتفنن في رسم سيناريو الاعتداء على ولد الددو، و آخر مهتم بدوره كراعي لله على الارض في متابعة الضالين و الكافرين، و أحدهم مشغول بالولي الصالح و  عائلة أهل فلان الكريمة، و أخرى عناوين اخبارها أطول من الخبر نفسه. إن الحقيقة المرة هي ان اعلامنا على تحرير فضائه و أرضه و على الحالة الانفجارية التي يعيشها ، هو فوضى عارمة ربما تكون خلاقة لاحقا.
مأساتنا اننا لا نعرف كيف نعارض حين نعارض. و لا كيف نحتج حين نحتج و لا كيف ننشط حين نكون ناشطين و المشكلة الأكبر اننا مع ذلك نحاول معايشة متناقضات كإملاءات القبيلة و كل عقد المجتمع و تعقيداته مع أشياء تبدو دخيلة و غير متناسقة مع واقعنا و لا تشكل أولوية، فتجد أحدهم في مجتمع لا يفرق رأسه من قدمه و هو يظن أنه يدافع عن اليسار و اليمين و غيرها و هو ذاته على يقين أن تلك مراحل تصلها المجتمعات في مرحلة معينة و للوصول إليها لا يحب القفز على أسسه. بعضهم ربط تسمية موريتانيا رئيسا دوريا أمر يخص عزيز و في قاموسه القبلي و المحظري و المدني و غيره أن كل شيء قادم من ذلك الرجل عليه ان يكون ضده، مشكلتنا اننا لا نفرق بين كيان الدولة و الأشخاص بالشكل المناسب قانونا و عرفا، إن الهم الوطني و القضايا الوطنية هي أشياء تتجاوز الاشخاص و الاسماء، حين يتعلق الأمر بموريتانيا يجب ان نقفز على هذه الجزئيات. بدل التركيز على كون موريتانيا ترأس الاتحاد الإفريقي و المجموعة الاقتصادية و تستقبل دول الساحل و الصحراء و كل تلك الأشياء التي تحسب لموريتانيا، بربط البعض من اعلاميين و ناشطين لها بعزيز عملوا على تقزيمها بدل تضخيمها أو على الأقل نقلها بشكل لائق خدمة لإسم دولة و قضية أمة. تحاول جاهدة العودة لساحة لا ترحم المتقوقعين خلف الجمل الجوفاء الفارغة.
ما كان إعلامنا يوما بمستوى اللحظة، كان دائما فوقها بغباء أو تحتها بعجز و قلة حيلة. لم يكن يوما في الوقت المناسب كان دائما يستبق بصبيانية أو يأتي متأخرا بتبعية و تقليد أعمى. هنالك قضايا امة ووطن و هنالك متعلقات سياسة و خلافات سياسة و لا يحب الخلط بين الإثنين هنالك الدولة و رموزها و قضاياها.
إن الإعلام المسؤول و الناضج هو الذي يكون هنالك يدا واحدة حين يتعلق الأمر بقضايا الوطن و الأمة ، لكنه إعلام غير ناضج و من سوء حظه  و من سوء حظ الدولة أن الإثنين التقيا في الوقت الخطأ الإعلام الغير الناضج و الدولة الباحثة عن ذاتها. إن المعارضة العمياء العدمية هي تماما كالموالاة العمياء التبعية. و بين الإثنين هنالك وطن يجب أن يلتقي الإثنين على قضاياه. لأن الامر لا يتعلق ببعض شيوخ القبائل و الوجهاء و بعض هواة السياسة و طبقة لم تجد موريتانيا بعد منذ استقلالها فرصة لتجرب غيرها من سياسيين كل ما أثبته الوقت و السنين و كل ما أثبتته الإنقلابات المتعاقبة بكل امتحاناتها السياسية فشلهم الذريع و المطلق في التعاطي مع أي حدث من أي نوع.
لنتفق على اننا في دولة تبحث عن نفسها و السبيل لذلك أن نقف لقضايا الإقليمية و الدولية بكل قوانا السائبة على ميوعتها و على ارهاقها. فيوم سميت موريتانيا رئيسا للاتحاد الافريقي كان جدير بإعلام لا يجد أصلا ما يشتغل به و يخلق القصص السخيفة و السبق الساذج من وحي خياله ريثما يصل الفريق إلى نقطة إلى قريب أو صديق أو وسيط  من القبيلة يربطه بشخص في ادارة تسويقية لشركة اتصال يأتيه بإعلان يحصد منه بضع آلاف يضعها في جيبه ، كان جدير بإعلام آخر ما يهمه المهنية و الموضوعية فارغ من أي معنى أن يجد في حدث كذلك موضوعا للبحث و التحليل و التطبيل بدل الانشغال بقصة اللصق و النسخ من بعضه البعض. هنالك فرق بين موريتانيا و عزيز و ما هو فيه صالح موريتانيا على الأقل إقليميا و دوليا يجب أن يكون فوق تصارع الهواة و السطحيين من سياسيي الفشل أغلبية و معارضة و ما بينهما.


Thursday, February 20, 2014

عزيز و الشباب و انتم الأمل

بعيدا عن حركات فبراير و حركات مارس و منسقية المعارضة و مفرقية الاغلبية و بعيدا عن ارهاصات هواة الركض في الشوارع و انصار اليسار و اليمين و انصار السنة و أعدائها و بعيدا عن القبيلة و متطلباتها و الناشطين و الخامدين و الجامدين، أظن أن  فكرة لقاء الشباب هي فكرة تستحق الإشادة حتى ولو افترضنا ولو جدلا أن عزيز و حاشيته يستخدمونها كفكرة لحشد التصويت في الانتخابات، حتى ولو اعتبروها خطة لاختلاس بعض الاموال العامة و تقسيم بعض العمولات على رجال اعمال عزيز، حتى ولو اعتبرها البعض كذبة اعلامية هلامية، المهم أن الفكرة بالنسبة لي تستحق أن تذكر، حتى أيضا لواختار المنظمون و اختار عزيز فقط أبناء رجالات الأغلبية و أحباب عزيز.
لماذا الفكرة مهمة؟
لأنها فقط كمجرد فكرة دون تنفيذ و لا فائدة هي تدخل بعدا جديلا في العملية التنموية و السياسية، من خلال فتح مجال مباشر من هذا القبيل و كأني ببعضهم سيحاول أن يبدأ مسيرته النضالية من هناك. 
المهم أننا لا يجب أن نتعامل هنالك على طريقة اهل لخيام، على الشباب أن ينجح في هذا الامتحان فيرفض التدجين و الاستغلال و صرخاته التي اشتكى منها الفالي سيليكون و استوكات فيس بوك يجب أن تجد طريقها بطريقة معقلنة إلى هناك، كما يجب للافكار الخلاقة التي لطالما صم بها اذان الجميع أن تتبلور و يستخدم بعد ذلك قوة الركض في شوارع نواكشوط ليدافع عن خياراته و افكاره.
لكن ما لا تعرفونه أنه في هذه المواقف كثيرا ما يضيع كل شيء فيصمت الصارخون و المدونون و الناشطون، لأن الثقافة التي عاشو بها لحد الساعة هي ثقافة الغوغاء و الميع و العدمية المطلقة. 
لم يعطوا لأنفسهم فرصة يوما ليسألوا بطريقة متأنية ما المشكلة بالتحديد؟  
http://www.rencontrejeunes.org/ 

في حضرة الشيخ الددو ...



مساء الثلثاء الماضي أدرج أحدهم سطرين سريعين تفيد أن الشيخ ولد الددو سيحضر جلسة في مقر جمعية الحكمة، كنت حينها في مقر السفارة الإيطالية أصارع مسؤولا يريد أن يقنعني كذبا بأنه لا يرفض إعطاء التأشيرة لسمر افريقيا أولئك بسبب بشرتهم و كونهم افارقة بعدما أكملوا كل متطلبات الملف. ساعتان إلا قليلا و هو يتحدث في متاهات ثم يسقط في هواة إقصائية سحيقة حين يقول لي مثلا: أنت لا تعرف هؤلاء حين يذهبون لا يعودون أبدا، و نحن نحتاج خلفية عن أهلهم و لا نقبل ملفات مصورة و لا مرسلة بالايميل و كأنه يريد أن يقول لي بغباء لا سبيل لإعطائهم التأشيرة.

خرجت من نقاشه النتن العنصري الرجعي، ثم صارعت إلى منطقة الفاتح ، و أنا أحسب أني سأتأخر طبعا. حين دخلت منطقة الفاتح تذكرت ما قاله لي مرة صديق من غانا، أنك حين تدخل منطقة الفاتح مساء تحسب أنك في مكة المكرمة. سارعت خطاي باتجاه الجامع و بعد وصولي بدأت مسيرة بحثي عن البوابة المناسبة. فجأة صادفت صديقين من اصدقاء العبور. و ترافقنا باتجاه المقر. كان ثلة من الشباب المشبع بسمرة الوطن السحيق تنتظر عند البوابة. قلت لعل الأمر انتهى و تم. لكن ما اكتشفته أن الجماعة لا زالت في انتظار الشيخ. هي دقائق تربو على العشر ووصلت سيارة من نوع البيجو "أكسبرس" مصحوبا بصديق آخر من أصدقاء هذا المنكب الذي يصنعهم التسكع. تسارعت الجماعة لإلتقاء الشيخ.

كانت هذه المرة الأولى التي التقي فيها الشيخ وجها لوجه و أصافحه، خاصة أنها تأتي بعد حادثة الإعتداء عليه في جمعة سابقة في موريتانيا من طرف من قيل أنه صديق، الأمر الآخر أني أردت التقاط "صورة بورتريه" خاصة للشيخ أتيت بكل عدة الكاميرا من أجلها من إضاء و أعمده و فيلتر و كل ما أحتاجه لالتقاط صورة تصلح لركن خاص في خزينة الصور، رزين هو هاديء بعيون تنظر في دقة و تفحص و أناة "مهدومة" على رأي أهل لخيام، فضفاضته مخاطة بشكل مميز و له طراز معين، يلفت انتابهك هنا لماذا تمسك بذلك الجانب من الدراعة الموريتانية بجيبها المزخرف و خاطها على شكل "الجلابية" في حين كان بامكانه ارتداء الزي المعروف. تجد فقط نقطة التمسك بذلك الجانب الموريتاني الصرف من الزي. و هو في طريقه إلى البوابة صافحته و احتضنني بيده اليسرى و أعطى قبلة مريحة سريعة على رأسي على طريقة الأب ، لكن لاحظت البعض يتمسك بها على أنها طريقة شيخ الجماعة أو الطريقة و هو ما أنا متأكد أن الشيخ لا يرغبه. فعلى طريقة الأب صافحني. تجمهر الشباب حوله و دخل يخطو في اناة الواثق و يبتسم ابتسامة هادئة.
دخلت خلف الجماعة بعيدا عن الزحمة و أخذت مكاني في مكان يناسب الصورة لكن لم تكن الإضاءة كافية و لم أرد إزعاج الشيخ بإضاءات الفلاش و لم يكن المقام يسمح بإستخدام إضاءة مساعدة.
كان قبله أحدهم يتحدث عن الفلوجة و الاعتداءات هناك، ثم بدأ الشيخ يتمتع حديثه بكل صفات الحديث المثير للاهتمام و الانتباه. يخبرك ثم يستجلب الدليل قرءانا كان أو سنة و تفسيرا و لغة حتى ، ثم يعطيك المثال المقرب للفكرة، و يحرك نظره في القاعة بهدوء معبإ بسكينة .  أنا دائما كرهت أولئك الذين ياتون و يقولون لك السماء فوقنا و الارض تحتنا و الله خلقهما. حديث الشيخ هو حديث ستخرج منه بأفكار و تصورات و الأجمل انها مدعمة. مر على قصة أبي ايوب الانصاري رضي الله عنه بخصوص دفنه حين يموت حين قال لهم ثيتوني على فرسي و اطلقوها في الأرض و هي ارض القسطنطينية حيث كان غازيا لها و حينها فتحها الفاتح جاء قبره. ضرب مثلا حول المدافعين عن الامة و الدين و قال ان غير المشاركين في ذلك مثلهم كمثل من يرى خيمة يعمل قوم على رفعها فيقولون ننتظر حتى يرفعوها ندخل معهم تحتها، تحدث في الدين و السياسة و المجتمع بطريقة متناسقة متجانسة مسترسلة بشكل ممتع.
لم احصل على الصورة تلك، فاعمدة الكاميرا أخذها مرافق الشيخ و استخدمها لكاميرته لتسجيل المحاضرة.
ثم بعد المحاضرة بدأ الجميع يريد المصافحة و التقاط الصور و حضر جانب من سلوكيات الوطن العزيز. فوضع احدهم يده فوق رأس الشيخ و تمسك اخرون بمنكبه و صعد بعضهم الكنبات لتلتقطه الصورة، و الجميل ان الشيخ كان يحتفظ بتلك البسمة أمام الكاميرا.
ثم خرجنا مقر الجمعية و الشيخ تحت الملاحقة، فاجأني احدهم بالسؤال إن كنت أريد التقاط صورة مع الشيخ و كان زحمة قاتلة أمامنا قلت له بالطبع و ادخل الفكرة إلى رأسي بعد أن رفضتها في البداية لما رأيت الازدحام، قلت نعم سينتهون الآن و ربما اجد فسحة لالتقاط صورة لكن ما حصل أننا بعد الخروج فاجأنا أحدهم بتذكر السلوكيات المدنية ، فذكرنا ان المكان ليس نواكشوط و كأن أي أوجه شبه تتوفر هنالك. بعيدا عن كل التجاذبات و الجدل السياسي العقيم في ارض السيبة و بعيدا عن هواة الاعلام و سطحية العلمانيين و سذاجة الاسلاميين و غباء اليسار و اليمين و بعيدا عن فضاء الميوعة الاعلامية و الثقافية و السياسية ، الشيخ ولد الددو يظل هامة و قامة لها هيبتها و لها قدرها، و إن لم يستحق الاحترام بالنسبة للبعض لأي شيء فهو يستحقه كرجل يعرف ما هو منشغل به.
و دعا الشيخ للطلاب و دعاء طويلا جميلا، و قدم له اتحاد طلاب تكريما أو تشريفا أو "بلاكت" و رفع الشيخ شعار رابعة ، و استخدم الشيخ مناديلا استخرجتها من حقيبتي و استخدمت كاميرة مرافقه اعمدة كاميرتي على فكرة ربما يعني الأمر الكثير للبعض.