Wednesday, June 5, 2013

الإعلام الموريتاني، فضاء الفوضى و فوضى الفضاء (السمعي البصري) - الجزء الثاني



 في هذه الفترة كانت كل مؤسسة إعلامية متمثلة في مدير.و نجاحها بمستوى علاقاته و خبرته في النفاق و الكذب و التزلف و المدح و القدح و العامل الأهم مدى اتقانه للزمان و المكان الذي يجب فيهما استدعاء القبيلة و سبر أغوار القرابة من بعيد. فيقول للمسؤول مثلا أو المدير: أمي كانت تقيم في بيت رجل أبوه أخو أمك من الرضاعة و و و .... في النهاية : أنت ابن عمي و أنا لم أعلم بذلك.
كانت في هذه الفترة المطبعة الوطنية المرهقة هي الأخرى تلعب دورا ما دام كل شيء يتعلق بالورق لم لا يكون لي أنا حظي، فبدأت باستغلال نفوذها و التعامل مع الجرائد حسب الجهات التي ترعاها و القبيلة التي خلفها و الشخص الذي يدعمها. و كانت بيئة صالحة لذلك بحبرها وورقها الرمادي. و حسب وساطتك يمكن أن يسقط عنك السعر الرمزي الذي يدفع مقابل أعداد معينة من جريدتك.
ثم جاءت محاولة من دولة مرهقة بمعطيات القبيلة والوساطة لتنظيم الاعلام كما قالت: فاشترطوا أن تكون لكل مؤسسة عنوان و مقر، انواكشوط مدينة غير معنونة من السهل أن تضع مثلا شارع ديكول عمارة جاك شيراك و تضع حتى رقم هاتفك كرقم البيت. صار كل يضع في الشوراع و الارقام تماما كما يضع في العناوين في جريدته. في احدى المرات اهتتمت باحصائية و لو تقريبية لكم جريدة مرخصة وصل العدد حوالي 250 جريدة كان حينذاك يمكن رؤية 4 إلى 5 منها تصدر بشكل متقطع.
إذن لم يتعلق الأمر يوما حتى هذه اللحظة بالصحافة و الإعلام أما المهنية و الموضوعية و الصياغة و ما يتعلق بذلك من أمور هي بذخ لسنا في سياقه في هذه الفترة، في هذه الفترة كان المجتمع السائب و منطق القبيلة الرجعي يقول للصحفي: "امسيكين ما إيكر احديدة الا يزكنن" . لكن هو من أعطى عن نفسه تلك الصورة. بملابسه التي تشبه ملابس المتسولين و حضوره المستحي بكل كاريزما الطامعين و الخائفين. و اهتمامه بمكان الحدث و ما إن كان فيه غداء أو عشاء أو قنينة عصير أكثر من اهتمامه بالحدث نفسه و لا حول ماذا يدور؟ إلى هذا الوقت اقتصر حضور بعض الشباب ممن درسوا الإعلام أو ابجدياته على الأقل يقتصر على لمسات يضيفونها في الكواليس مكتفين بقطعة خبز حافية مع كأس شاي لاستهلاك الوقت. كانوا يلتهمون أحلامهم مع قطع الخبز شيئا فشيئا. و أمام مطالب المدير المستجيبة لثنائية الخوف والطمع كانوا يمحون من ذاكراتهم كل ما تعلموه عن الاعلام و تقنياته و ضوابطه.
التلفزيون و الإذاعة هنا استديوهاتنا المركزية
كانت أنذاك تلفزيوننا الوطني مكب نفايات . كان المعيار الوحيد أن لا يكون لك صلة بالإعلام و ملحقاته. كل من لم يحصل على الباكلوريا و يكتب أسمه في الوورد مهندس جنريك، و كل من يعرف أن يزيد الصوت أو يخفضه مهندس صوت، و من يعرف استخدام كاميرا سوني يدوية من الحجم الصغير مصور تلفزيوني. و الإضاءة أضغط أقرب "كونتاكت" إليك و الاستديوهات تشبه مطابخنا الموريتانية. كان كل شيء بلية حتى الضحك. و كانت كل ما يهم تلفزيوننا زار فلان و طار فلان. و لا شيء يخضع لفنية و لا تقنية. و كان هنالك رجالات يخلقون البرامج حسب طلبات التمويل و كل مساء يطالعك برنامج جديد باسم جديد بشخص قديم. و يطالعك الخلل الفني من لحظة لأخرى. ثم استبشر الجميع خيرا مع وصول جيل شاب تلقى معظمه تعليما في الخارج و تم تأهيل بعض الكوادر الفنية و الاستعانة بآخرين، لكن ما إن بدأ هذا الجيل يظهر و يقنع حتى برزت ناب القبيلة من جديد معززة بخبرة المحاربين القدامى، فتم التضييق على هؤلاء و عزلهم مهنيا و استمر القادة من فرسان فترة الانحطاط في البروز و تكرار ذات السيناريوه برامج تافهة سخيفة و اكتفوا باعداد ورقة على أنها دراسة برنامج جديد اعتدت قراءة عند صديقي حيث يعد معظم هؤلاء تلك الأوراق مستعينين بخبرة صديقي حتى في كتابة صفحة من الوورد. لم أتفاجا و أنا ألتقي بعض المديرين هناك يعدون دراسة برنامج للأسف ستقع عيني صدفة على حلقة منه الأسبوع الموالي. رويدا رويدا اختفى ذلك الجيل و توارى مستبدلا بجيل جاء على الطريقة التقليدية القبلية معززا بمافيا من رجالات العمولة و القبيلة. و عادت حليمة لعادتها القديمة.
من حسن حظ إذاعتنا أنها حظت بأصوات و رجالات تحملت الويل و الألم و الظلم على مضض فظلت أصواتها تنساب عبر تلك الامواج المموجة، تعطي صورة جميلة عن أشياء قبيحة تحصل داخل ذلك المبنى المنبسط على شارع جمال عبد الناصر. لم تكن كل سوءاتها و عوراتها مكشوفة. و ظلت دائما تخرج خرجات تحسب لها. لا يعني ذلك أنها لم تعاني كغيرها من العمولة و القبيلة و أشخاص يحترقون لا يجنون واحد على مائة مما يجنيه شخص جاء به قريب مدير أو رئيس قطاع لا يعرف بين الألف من الباء. بل كان ذلك يحصل و كانت تلك الأصوات بصبر و صمت تؤدي واجبها محتملة أجرا قد لا يصل مع نهاية الشهر و محتملة سنوات بل عقود من العمل دون عقد عمل و دون أبسط الحقوق.
و لكل هاو موقع ألكتروني
دخلت موضة المواقع الألكترونية الاخبارية بشكل مفاجيء و انتشرت بسرعة فظيعة حتى صارت تقريبا تظهر بمعدل 3 مواقع يوميا. حطمت رقم الجرائد الورقية لعوامل عل أهمها أن الموقع الألكتروني لم يكن يتطلب ترخيصا، كان يكفي أن تفتح موقعا لتكون صحفيا. و تجلس و تقول أنا محرر في موقع كذا أو كاتب صحفي في موقع كذا. بدأت المواقع في استنساخ أسماء الجرائد الورقية خاصة أن تلك أصبحت تبدو و كأنها موضة قديمة.كانت المواقع تتدفق و ينقل بعضها عن بعض و لا فرق بين الخبر من التقرير من العاجل من البطيء. كانت المساحة الأكبر في كل موقع "ساحة إعلانية" تظل فارغة إلى أن يتم تعيين قريب في شركة أو منظمة فيقنع القائمين عليها للإعلان في موقع قريبه.
في المواقع كانت ظاهرة الهواية هي الشعار الأبرز فالمصمم هاو و الصحفي هاو و الخبر هاو بل ساقط أحيانا. نفس التبويبات و المواضيع تتداول بين جميع المواقع . و الساحات و المساحات الإعلانية تنتظر على أمل. يفتح اثنان موقع فيختلفان فيفتح كل منهما موقع و هكذا و بطريقة تبدو جينية و كأنها تتزايد المواقع حتى شهدت انفجارا. كان له متلقفيه ففي مجتمع السيبة و الفراغ و الشائعات من السهل جدا بناء قصة مرتهلة لغويا و بنيويا و ملفقة بشكل قبيح و تعطيها عنوانا لا يمت لها بصلة و تدعي أنك تبدع إعلاميا. في ذات الفترة كان الجميع ينفتح على الفيس بوك تماما كما تنفتح خيامنا على الصحراء. و كان السباق على أشده في حصد آلاف الأصدقاء ثم بعد ذلك مئات "اللايكات" للمواقع. فما إن تدخل حتى يصفعك أحدهم برابط و إسم جديد و يطلب إليك أن تضع "لايك". تماما كما حصل مع الجرائد الورقية حصل مع المواقع الألكترونية الفرق الوحيد أن الواحد كان يدفع من أجل ترخيص الجريدة و الآن بحاجة لصديق أو للدفع أيضا لتصميم الموقع.  و ليس غريبا مثلا أن تجد و احدا من أضعف و أفقر هذه المواقع و قد وجد ما يضعه في بعض المساحات الإعلانية ، فمعنى ذلك أنه منخرط في الضوابط القبلية جيدا و ذا خبرة في العمولة و علومها.
مع انطلاق الحراك في العالم العربي و ما رافقه من تطور كبير في استخدام وسائل الاعلام الاجتماعي و جد القائمون على هذه المواقع انفسهم ينشغلون بالفيس بوك مثلا أكثر من الموقع و رويدا رويدا بقيت تلك المواقع روابط تدخلها فتجد اخر تعديل عليها منذ أشهر ثم بدا أن البعض فقد حتى كلمة السر للدخول إليها. و بقي بعضها صامدا بكل وسائله المرهقة لغة و تصميما و معلومة.
أمام ذلك الوضع كانت أوضاع الموهوبين و المهتمين و حتى الدارسين من الشباب المنشغلين في الاعلام لا تزال حبيسة الاستغلال المفرط من أباطرة العمولة و كأس الشاي، فيأتي الواحد المؤسسة و يكتب و يصمم و يضع اللمسة الفنية ثم يجود عليه المدير و رئيس التحرير و المالك ببضع آلاف لا تخضع لنظام و لا عقد و تبدو صدقة أكثر من كونها راتب مع أنه هو من عمل كل شيء. انقسم هذا الشباب قسمين : قسم رأى في موقع خاص به ربما حلا و آخر حين بدا له الأمر أشبه بافتتاح دكان أعوام التسعينات في العاصمة نواكشوط ثم كافتتاح عيادة أسنان عام 2000 و الاعوام الموالية لها. حين بدا لهم الأمر كذلك فضلوا واقعهم السابق على رداءته و بقوا يعملون و يكدون في الظل و يجني المدير و ابن العم و التاجر و السمسار ثمار سهرهم أمام الشاشات. الذين افتتحوا مواقع أو شاركوا في أخرى لم يشفع لهم ربما تميزهم لأن السوق كانت رديئة لحد لا تميز فيه الخبيث من الطيب. و تحت ضغط واقع ان المعيار كم قريبا لديك ؟ و من أي قبيلة أنت؟ و ما مدى خبرتك في مجال العمولة و السمسرة. تحت ضغط ذلك استسلموا و سلموا و عادوا للأوكار الأولى. مع ثورة لكل هاو موقع ظهرت اتحاد للاعلام الالكتروني أو اثنين إلى ثلاثة على ما اعتقد، كان قبلهما صراعا حادا يدور بين النقابة و الرابطة نقابة الصحفيين و رابطتهم الفرق بين الاثنتين أن الرابطة تضم فيلقا من المحاربين القدامى لا بأس به من المعتزين و المفتخرين بتجربة طالت لسنين لا أعرف بالتحديد إن كانت في الصحافة أم في  في السمسرة أما النقابة فهي تضم بعض الشباب في الغالب أو من محاولي الخروج على النص، و بعض الهواة كما يحلو للآخرين نعتهم أحيانا. المضحك في الامر أن الاثنتين كانتا تتصارعان في حين لم يكن هنالك إعلام يستحق ذاك الصراع


\\\\\\\\ يتواصل في الجزء الثالث ...... 

Tuesday, June 4, 2013

الإعلام الموريتاني، فضاء الفوضى و فوضى الفضاء (السمعي البصري) - الجزء الأول



ظل الإعلام الموريتاني منذ نشأته الأولى حتى هذه اللحظة فضاء لا يحكمه نظام و لا قانون و لا مهنية و لا موضوعية. رغم تعاقب الحكومات و الأنظمة واختلاف تعاملها مع الإعلام عموما حسب الخلفيات الانقلابية و الانتخابية و المدنية و العسكرية. ظل الإعلام والإعلاميون دوما تلك المؤسسات و الشخوص المتسولة على أبواب الإدارات و المديرين و ذوي السلطة و النفوذ. حتى وصل الأمر درجة صار فيها لقب "صحفي" أو " إعلامي في موريتانيا يعادل أقسى عبارات السب و الشتم و الذم.

ضوابط و محددات ظلت دوما تحكم الإعلام الموريتاني بمؤسساته و هيئاته على غرار كل مؤسسات و هيئات الدولة الأخرى حتى الوزارات، يمكن حصر هذه المحددات في الحضور القوي للقبلية و الجهوية و انعدام الحس الوطني و الواجب أمام الضغط القبلي. فكما وصلت موريتانيا مرحلة تصنف فيه البنوك على السلم القبلي و الشركات و حتى الوزارات فالوزارة كذا للفلانيين و وزارة كذا للفلانيين، كانت المؤسسات الإعلامية هي الأخرى تصنف ذات التصنيف فالمؤسسة كذا و الموقع كذا للفلانيين. رغم صعوبة أن تجد حتى في تلك الكومة الاعلامية الهائلة ما يمكن ان تطلق عليه مؤسسة بكل ما تتطلبه المؤسسة من شروط. بسبب طابع الفوضى و الاهمال و العبثية الفجة من الصعب بمكان تصنيف مراحل مر بها هذا الإعلام بشكل جديد في طريقه ليس للتطور بل للعبثية المطلقة الأكثر اتساعا. إلا أن أهم المراحل يمكن تصنيفها كالتالي:

الجرائد الورقية ... استنفذت قاموس اللغة
فترة الدفق الورقي التي كان فيها بإمكان كل شخص ترخيص جريدة ورقية ناطقة بالعربية أو الفرنسية أو الصينية حتى كل ما يحتاج إليه شخص في وزارة الداخلية و آخر يتابع في العدل و فوق ذلك إن دفع حوالي عشرة آلاف أوقية يحصل على الترخيص بين صباح يوم و مساءه. في هذه المرحلة استنفذت الجرائد الورقية قاموس اللغة العربية على سعته، حتى صرت تجد أسماء غريبة فجاء النهار و الليل و الصباح و الظهر و العشاء و الفجر و الشمس و القمر و ربما هنالك عطارد و المريخ و زهرة ......و الأجمل أن كثيرا من هذه الجرائد لا يرى إسمها إلا في ورقة الترخيص أو بطاقة مهنية يضعها شخص في جيبه يتجاوز بها الشرطة أحيانا و أحيانا يكون لا مناص من "200" أوقية في ذلك العصر الذهبي "للجرائد الورقية" عن تلك التي تنشر لا تجد فيها ما يمت للصحافة بصلة غير إبداعات شباب يهوى الكورل درو أو الفوتوشوب  و يعملون بالمجان تقريبا.

بعد هذه الفترة أنتبه بعض الذي اختاروا طريق الصحافة فاختارت الصحافة طريقا موازيا في الناحية الثانية ، انتبهوا للإعلانات خاصة مع وصول بعض الشركات و شركات الإتصال خاصة، فصار في الأمر مردود و لو أن العمولات ستضعفه جدا جدا، فكل ما تحتاجه الآن هو أن يكون لك قريب في شركة اتصال مثلا أو إقامة افتتحت مؤخرا أو محلا تجاريا، قريبا سيوفر لك إعلانا و لا يعبؤ بمستوى مبيعاتك بل يمكن أن تطبع عددا واحدا من الجريدة توصله للشركة يظهر فيه إعلانها حتى إن لم تفعل القبيلة و القريب هنالك دائما للتدخل. هنا وجد البعض نفسه مضطرا لوضع بعض الأمور في تلك الأوراق الخاوية على عروشها فصار بعض الصحف ينشر المقال و الموضوع في 3 أعداد بشكل متتابع، و يبعث في قمامات الجهاز "الكوربيل" و في الأرشيف عن أي شيء يملؤ به تلك الصفحات. فيما ينشغل المديرون بالمدح و القدح في مجالس الشاي و الانتظار عند بعض البوابات لالتقاط  شائعة أو اختلاق واحدة. في هذه الفترة كانت كل مؤسسة إعلامية متمثلة في مدير.و نجاحها بمستوى علاقاته و خبرته في النفاق و الكذب و التزلف و المدح و القدح و العامل الأهم مدى اتقانه للزمان و المكان الذي يجب فيهما استدعاء القبيلة و سبر أغوار القرابة من بعيد. فيقول للمسؤول مثلا أو المدير: أمي كانت تقيم في بيت رجل أبوه أخو أمك من الرضاعة و و و .... في النهاية : أنت ابن عمي و أنا لم أعلم بذلك...... ج1 يتواصل .............

Saturday, June 1, 2013

تركيا : البيئة و الخمر و الجسر و و و

منذ أيام و مظاهرات على أشدها في منطقة تاكسيم و ما جاورها، تاكسيم و التي تعتبر من مراكز السياحة في اسطنبول و التي تضم ميدان تاكسيم إضافة لشارع الاستقلال و هو من اشهر شوارع التسوق في اسطنبول.
بدأت المظاهرات من "بارك تاكسيم" كردة فعل على انشاء الحكومة مجمع تجاري في البارك ما يستدعي اقتلاع حوالي 5 شجرات في الساحة و استغلالها للغرض. كان التجمع نشاطا بيئيا يرفض استغلال الساحة، في ظرف يوم إلى اثنين رفع المحتجون قاروات الخمر و صار الاحتجاج ضد قانون تزمع الحكومة سنه بخصوص تحريم الخمر في بعض الاماكن و بعض الأوقات، ثم بعد ذلك جاءت تسمية الجسر الثالث الأهم في المدينة على السلطان ياوز سليم و هو امر آخر مثار جدل.
ما حصل أنه في النهاية و بعد وصول رئيس حزب CHP ثم توالي قادة الحزب بعد ذلك و تحول الحراك إلى حراك سياسي إيديولوجي، مطلبه الأكبر حسب ما ردد البعض إزالة الحكومة القائمة. المناوشات منذ أيام مستمرة في الميدان و في منطقة بشكتاش و حربية و بعض المناطق المجاورة بين المتظاهرين و الشرطة، وتصل في بعض الأحيان مراحل خطيرة جدا.
في تعليق له على ما يحصل قال رئيس الوزارء التركي رجب طيب اردوغان في كلمة القاها ظهر اليوم، أن التظاهرة لا علاقة لها بقضية المجمع التجاري و لا البيئة و ان الحراك إيديولوجي سياسي محرك. و قد مقارنات بخصوص تاريخ انتزاع الاشجار و كيف عملت حكومته على فتح باركات عامة و ساحات خضراء معددا بعض أهم الساحات التي تشكل رئة حقيقة لمدينة باكتظاظ اسطنبول. ثم معرجا على عمل الشرطة أشار إلى أنها ربما بالغت قليلا لكن أكد انها ستتدخل دائما لضمان امن و استقرار الدولة.
الحراك الذي بدأ يرفع صوته برحيل الحكومة يعتبر في ظاهره حراكا لكنه في الحقيقة المطلقة هو تعبير عن حالة من اليأس و العجز تعيشها المعارضة القائمة مردها قدرة الحكومة القائمة و الحزب على إدارة كل جوانب اللعبة السياسية بشكل ديمقراطي و دستوري، معتمدة بالتوازي مع ذلك على معطيات اقتصادية ترفع أسهمها محليا و دوليا. لا يعني ذلك أن هذه الحكومة مثالية و أن قدر تركيا أن تعيش معها. بل يعني أننا حين نلعبها بالديمقراطية و الحريات فعلينا الإعتراف بأن هؤلاء بطريقة أو باخرى توصلوا لمرحلة التحكم في الأمور و ادراتها بشكل معقلن لا ينادي الديمقراطية بقيمها و لا ينافي الدستور و معطياته. فيأسنا لا يجب أن يدفعنا لنضحي باسم و سمعة دولة. "و خلونا ديمقراطيين" إذا كانت هذه الحكومة كلها سوءات وسيئات جاءت بطريقة ديمقراطية دعونا نزيلها بطريقة ديمقراطية محترمين أمثلتنا العليا في الحياة الاجتماعية و الثقافية و السياسية. لا نعتمد اسلوب الغوغائية المطلق و التقاط السقطات فهو اسلوب العاجزين فقط.
يقول المتظاهرون أو بعضهم ان الأمر الآن أصبح حراكا ضد مجموعة خطوات أقدمت عليها الحكومة هذه في الفترة الأخيرة، من قضية الانفجار في مدينة ريحانه، لخطاب لاردوغان قرأه البعض على أنه إساءة لأتاترك و إينونو و افتراء عليهما، لقانون الحد من معاقرة الخمر الذي لا زال هو الآخر سيثير ضجة أكبر لربما. لكن الحقيقي و الذي يفهمه حتى البعض من هؤلاء هو أن الحكومة تفعل ما تفعل تبعا لما يمليه الدستور و القانون حتى و إن غيرت في الاخيرين فهي تغير فيهم بطريقة دستورية و الحل هو إيجاد طريقة لإزالتها بالصناديق كما جاءت بالصناديق. و على رأي صديقي المعارض الكبير لأردوغان و حكومته، أنا لا أريد لتركيا أن تكون مصر أخرى و لا تونس، الرجل و حكومته حصولا على الأغلبية في الانتخابات و اخذوا بلدية اسطنبول بالأغلبية بأكثر من خمسين في المائة إن كنا نريد إزالتهم على إيزالتهم بالصناديق و الانتخابات كما وصلوا بها.
أما عن العرب و مثقفيهم فهؤلاء دعوهم للنهيق و الشهيق و التصفيق هنا و هناك دون إدراك لحقيقة أي شيء و بإسقاطات قمة في السخف و مثيرة للإشمئزاز.
أن أصل بالديمقراطية و أفعل ما أفعل بمطابقة القانون و الدستور ، فالطريقة الوحيدة لإزالة هي عن طريق الصندوق و الديمقراطية و من يعيش حالة يأس أو عجز أو حالة نفسية عليه معالجتها بعيدا. و لا ينسى أنه ينادي باسلوب الديمقراطية و الحقوق وا لحرية.

560 عاما على فتح اسطنبول





في منتصف الدرس تقريبا تذكرت الأستاذة أنها لم تكتب تاريخ اليوم على الطرف العلوي الأيمن من السبورة كماهي غير معتادة دوما. حين كتب تاريخ 29 مايو 2013 بالتركية ، القى الإفريقي بسؤال كان يختمر في رأسه و هو قد رأى بعض الحراك في المدينة في ذلك اليوم. قال : هل يمثل هذا اليوم أي شيء؟ ردت الأستاذة بسرعة: لا يوم عادي جدا.
هنا تدخلت بكل براءة افريقيا و اطلاعها و قلت بطريقة تليق بمخاطبة استاذة: أظن أنه يصادف فتح مدينة اسطنبول و اضاف الصديق الشرق أوسطي تعليقا توضيحيا للحالة. تجهل الأستاذة أو تتجاهل حدثا ما كان ليخفى على افريقي قادم من اعماق بوجمبورا في بوروندي و لا آخر رمت به ادغال كيغالي في رواندا رمت بهما إلى شاطي مرمرة و البحر الأسود.
بعد ذلك دعاني الصديق الشرق أوسطي بطريقة اقتراحية ، إن كنت سأذهب لاحتفالية تنظم ذات المساء بالمناسبة على ساحل بالاتا. ساحل جميل يمتد قبيل الوصول إلى جامع أيوب سلطان. رددت رغم أن النشاط يكسر اجندة ذالك المساء رددت بالقبول فهي فرصة جميلة لحضور شيء مختلف جديد في مدينة لا زلت استكشف حجرها و يختبر صبري بشرها.
استغرب صديقي المعبأ بأشياء رواندا و انسانية افريقيا ، كون الاستاذة لا تعرف شيئا عن الحدث رغم أنه بدا له مهما و طلب إلي توضيحا حول عملية الفتح تلك و كيف اخذت المدينة أصلا و كيف تمت استعادتها. في ردي عليه اشرت إلى حالة انفصامية يعيشها المجتمع بين شقين. و عرجت على أن من يجهل أو يتجاهل حدثا كفتح مدينة اسطنبول لأي سبب كان فكري أو سياسي أو أو فهو فقط شخص ضائع لأن تجاهل ذلك الحدث يعني ضمنا إنكار مدينة كاسطنبول و انكار مدينة كاسطنبول يعني اهمال تركيا.
إن الإنسان يصل أسوأ حالاته حين يحاول انكار أو تجاهل جزء من تاريخه و يحاول مع ذلك أن يكون ذاتا و كائنا . إن الفروع لا تقوم دون مصادرها و المدن لا تكون دون تواريخها و الشعوب لا تملك أن تمحو التواريخ حسب مزاجاتها. كل مرحلة من تاريخ الانسان يجب أن تكون مصدر فخر له لأنها ببساطة غير قابلة للمحو و لا للتغيير.
بعد زحمة المساء و اتصالات التقيت و صديقي في محطة المتروباص و اتجهنا لذات المكان, تم نصب شاشة عملاقة في عمق البحر و احيطت بأصواء تنبعث من بواخر صغيرة مرابطة و موزعة بشكل جميل في اطراق البحيرة. ثم بدأ العرض بالاضواء كانت اضواء باهرة و العاب الماء و موسيقى تشعرك بحالة من الفخر. جميل أن تستحضر عظمائك  و انت تعمل لتعود و بين ان تستحضرهم و انت في الحضيض متغنيا بهم فقط اسطوانة مشروخة حال شعوبنا ف يالعالم العربي.
قدم عرض حول الفاتح و الفتح و مقطوعات شعرية و العاب مائية و ضوئية تخلب الألباب. و انضم إلينا صديق ثالث. مرهق رجعت أفكر ، كيف يمكن لإنسان أن يحاول فقط أن ينسى جزء لا يعتبر فقط من تاريخه بل هو كينونته و ذاته.
560 عاما مضت منذ دخل الفاتح مدينة اسطنبول فاتحا. الآن في جامع الفاتح في منطقة الفاتح في اسطنبول يرقد جثمانه. محاطا بهيبة تليق به.

Thursday, May 16, 2013

كيف يُحكمُ العالم الثالث . بين العالم الأول و الثالث


أعرف أصدقاء كثيرين لي حول العالم ، و ناشطين و مؤسسات لا يريدون أن يسمعوا مني مثل هذا الكلام. فهم يريدون فقط أن اكتفي بتكرار تلك الأسطوانة ، يجب تدعيم ثقافة الديمقراطية و صيانة حقوق الانسان و حرية التعبير و الصحافة و و و و ، هل تعرفون كل هذه قيم مقدسة انسانية جميلة لكن ليس بها وحدها نغير العالم نحو الأفضل لأنها للأسف هي الاخرى أصبحت وسيلة تستخدم و مستخدمة و سبب في بؤس العالم أيضا من خلال وضعها ضمن الاستراتيجيات و خطط السيطرة. في العالم جوائز و تقديرات للناشطين و و و ، لكن أنا لا أريد أن يأخذني النشاطات و لا أن اسمح باستخدامي كوسيلة لتسويق شعارات صارت مفرغة من معانيها، نعم سادافع عنها و اعمل على ترسيخها كقيم انسانية.
الفكرة التي أريد صياغتها هنا، أن العالم تغنى كثيرا بدفاعه عن القيم الديمقراطية و الحقوقية و الانسانية، لكن أرى أننا بحاجة لوقفة نعيد فيها من جديد النظر في واقع العالم و هل السياسات و النظم الخاضع لها قابلة للتغيير بوسائلنا التقليدية أم هنالك خطوات لابد من القيام بها.
هل يمكن يوما أن تتخلص افريقيا من بؤسها؟ و فقرها و جهلها و هل هذا الثلاثي واقع حقيقي أم صنيعة و أداة؟ لماذا لا نقول بأن أول طريقة في سبيل القضاء على الفقر و الجهل و الامية و الجوع في العالم و ما يعتبر أبسط خطوة في سبيل المساواة بين افراد الجنس البشري و المجموعات البشرية أبسط هذه الحقوق هو إلغاء : مصطلح العالم الثالث؟ و هل لي أن أسأل أين هو العالم الثاني؟ و هل هنالك هدف عالمي حقيقي لوضع كل العالم في مرتبة واحدة "عالم واحد" لا ثاني و لا ثالث؟ هل الاستراتيجيات و النظم القائمة تسمح بذلك. ؟ العالم الثالث ألا يعتبر هذا تمييز ، لكن ربما سيقولون لك لكن ليس على أساس العرق  او اللون أو الجنس أو الدين. إذن هل يسمح بالتمييز على أساس مستوى الدخل و الفقر وا لغنى؟
أسئلة كثيرة أجوبتها جاهزة لكنها ترفض الصيااغة. ببساطة هنالك طريقة وحيدة يحكم بها العالم الثالث و محكوم بها هي :
"استيراد العقول و دعم الوكلاء" ما ذا نعني بدعم الوكلاء، عقول العالم الثالث كلها مستخدمة و تخدم بإرادة و مجبورة من الواقع في الجامعات و المؤسسات و مع جهات أجنبية بعيدة عن بؤس أمتها و دولتها و قارتها و منطقتها، تاركة أبناء اممها تعاني الفقر في ادغال افريقيا و قرى آسيا النائية. و دعم الوكلاء يعنى بها رجال المال و السياسة من الذين يدرون دفات الامور في العالم الثالث كلهم يتعاملون بنظام العمولة و نظام المهم أن اربح اكثر و الدولة و القيم التي يدعي البعض الدفاع عنها هو أو من يضحي بها و يقيمها و يعوجها حيث ما تلائم مصالحه فيغير تأويلات الديمقراطية بين عشية و ضحاها مسوقا كل تفسير لها في شاشاتها البراقة . سل أولئك الساسة و رجال الاعمال عن استراتيجياتهم و مشاريعهم لدولهم و أبناء شعبهم. لن تجد شيئا أولئك وكلاء لتنفيذ استراتيجيات.
اذن بين استيراد العقول و دعم ساسة و رجال اعمال وكلاء استراتيجيات سيظل العالم ثالثا مالم تكن هنالك جهات حقوقية تدافع عن الحق في المساواة بين العالم الاول و الثالث في التسمية على الأقل 

Tuesday, May 14, 2013

عصابات : كل شيء للبيع

لن أتحدث في هذه التدوينة في كل التفاصيل. كل ما سأقوله أننا في دولة يعرض فيها كل شيء للبيع . فيها عصابات منظمة لبيع المسابقات و المناقصات و الصفقات و الشهادات و الرخص.
في موريتانيا توجد عصابات لبيع الشهادات من شهادة ختم الدروس الإعدادية لشهادة الباكلوريا للشهادات الجامعية. و هنالك جامعات حرة بدات تتعامل مع هذه العصابات لأنها توفر لهم باكلوريا غير شرعي لمتابعة دراستهم في الجامعات الخاصة.
عصابات بيع رخص السياقة يعرف الجميع عنها و يعرف أن الرخصة بسعر 50000 أوقية ما يقارب 300 دولار. و هنالك أبناء نافذين و رجال اعمال و جنرالات يتابعون الدكتوراه و الدراسات العليا في جامعات اجنبية عالمية بباكلوريا غير شرعية و غير مسجلة لدى المصالح الخاصة فلقد تم اقتناؤها برعاية الوزير و الجنرال من عصابات متخصصة.

مشروع دولة يقوم عليه رجال القبيلة و ينشط فيه رجال العصابات هو مشروع فاشل 

مشروع "جيل" يطلق بالتعاون مع رابطة الحوار للثقافة و الإبداع : "كن مواطنا"


مع بداية الشهر المقبل يطلق مشروع "جيل" DRG أسبوعا تحسيسيا حول المواطنة بالتعاون مع رابطة الحوار للثقافة و الإبداع. ستنظم هذه التظاهرة بشكل سنوي  ، و تأتي على خلفية التوصيات التي خلص إليها المشروع من خلال تنفيذ دورته الأولى التي تحمل عنوان: ثقافة المواطنة ... ثقافة الحوار.
ستتخلل الأسبوع لقاءات شبابية على شكل مقاهي ، و نقاشات و كذلك حملة الكترونية على مواقع الاعلام الاجتماعي التفاعلي. ستحمل التظاهرة في دورتها الأولى عنوان: كن مواطنا.
تأتي أستجابة للحاجة الملحة لغرس و توسيع مفهوم المواطنة في مجتمع لا تزال القبلية و الانتماءات الجهوية و الفئوية تسيطر عليه بشكل كلي في ظل غياب كل لمفهوم المواطنة و ما يترتب عليها . ما يشكل سببا مباشرا لحالات ترد تشمل كل قطاعات الدولة و المجتمع .
كن مواطنا، عنوان التظاهرة . يحمل إيحاء أن الاسبوع سيقدم معلومات عن مفهوم المواطنة و ماذا يعني أن تكون مواطنا؟ الحقوق و الواجبات؟ و كيف نغرس المواطنة في عقول الأطفال الصغار في التعليم الابتدائي. و في مقتبل العمر؟

Tuesday, May 7, 2013

جوائز البوبز - موريتانيا في قلب الصورة

أسمحوا لي قراء و متابعي المدونة أن أتقدم بأحر و أعمق التهاني و التبريكات لكل من السيدين أحمد جدو صديقي و زميلي و السيد ودادي صخر و ذلك لحصولهما على جائزتي البوبز لعام 2013 . أحمد جدو كأحسن مدونة عربية و السيد صخر كأحسن شخصية عربية من ناحية التدوين على تويتر .

Monday, May 6, 2013

خريجو المدرسة الوطنية للصحة .... في الانتظار رغم الحاجة هل هي العمولة و القبيلة من جديد. ام المشاريع الفارغة



بعد ما أدوا الخدمات المناطة بهم أشهرا في نواحي مختلفة من أراضي الوطن، حتى الآن لا يزال خريجو مدرسة الصحة العمومية من ممرضين و ممرضين اجتماعيين لعام 2012- 2013 لا يزالون ينتظرون ما لا يبدو على برنامج الوزارة . فهم لم تصرف لهم مستحقاتهم و لا دلائل مالية لهم . و يواجهون بالمماطلة من طرف الجهات المعنية .....
حقوق هؤلاء أولوية مطلقة خاصة في دولة يعاني قطاعها الصحي أسوأ الحالات المرضية . من ضعف في الامكانيات و استهزاء من الكادر الطبي و اهمال للبنى التحتية.
وصلتني هذه الرسالة من ناشط :


اخوانكم وأخواتكـــــــــــــــــــــــــــــــم خريجي مدرسة الصحة من ممرضين وممرضين اجتماعيين .
خريجي المدرسة الوطنية للصحة العمومية للعام 2012 -2013 لقد تحملوا اشهر من المعاناة وأداء الخدمة في مختلف نواحي أرض الوطن ، لكن حتى الآن وبعد اشهر من الأنتظار لاشيء تبدو بوادره في الأفق ، حتى الآن الوزارة لم تعد لهم أرقام الدلائل المالية ، أما المستحقات فحدث ولا حرج ...؟ بل تتخذ لهم شتى انواع المماطلة ..!غدا وبعد غدا وهكذا ..اين الجهة المسؤولة...يانـــــــــــــــــــــــــــــاس

عاشت إسرائيل ... قال الخراف



فجر السبت الماضي و على مدى يومين أغار الطيران الإسرائيلي على مواقع سورية ، تباينت التعاليق حول طبيعتها حسب المعلقين، فاسرائيل قالت أنها استهدفت اسلحة إيرانية صواريخ و بطاريات كانت في طريقها إلى حزب الله في جبل قسيون، و سوريا قالت أن الهجوم استهدف مختبرا علميا في ريف دمشق. بين هذا و ذاك الحقيقة المطلقة أن الطيران الجوي العسكري نفذ هجوما في الأراضي السورية. الجديد ليس الهجوم فلربما هو الثالث من نوعه بعد هجوم عام 2007 و هجوم يناير 2013 و طلعات أخرى متكررة، الجديد هو ردة الفعل العربية الشعبية و الإعلامية و الرسمية و حتى ردات فعل بعض المثقفين.
لم يتخيل أحد يوما أن يأتي يوم يكون فيه هجوم اسرائيلي حتى على الشيطان نفسه موضع تأييد من عالم و منطقة عانت ويلات و تعانيها بسبب وجود هذاالكيان في المنطقة. لكن للأسف اعتاد العرب التصفيق. نعرف فقط أن نصفق لكل شيء و لأي شيء حتى عدوان صهيوني على أرض عربية. حتى التنديد نسيناه، لم نعد نعرف كيف نندد.
المتتابع للمواقف العربية في العقود الأخيرة من القمة للمواقف الفردية يجد أبرز مواقفنا التي نفتخر بها هي تلك التي صفقنا فيه على اختلاف من صعد المسرح. صقفنا للحرب و القصف و الصمت. و مثقفونا يجيدون جدا أن يبرروا التصفيق قبله و بعده و أثناءه حتى حين يكتشف لاحقا أن العرض كانت كذبة حبكت و طبخت بعيدا عنا ، بالطبع هي تطبخ بعيدا عنا فنحن مستهلكون من الطراز الأول و الرفيع. و يلهينا التصفيق عن التحقق من طبيعة الموائد. من تدمير العراق المسلسل المتواصل حتى اليوم بحلقاته الدموية و المؤلمة إلى الاعتداءات المتكررة على لبنان إلى قصف غزة و رؤية الأشلاء مبعثرة على الأرصفة و في الساحات و ركام البيوت يختلط بأشلاء الأجساد، سجل لنا التاريخ دائما التصفيق و التنديد مع إمكانية أن تتصور أمة وجودها في العالم مختصر على تنديد يلقي به وزير لوسيلة إعلامه الرسمية أو وسائلنا العربية التي تهتم بمحاكاة برامج الواقع الغربية أكثر من انشغالها بهم الإنسان العربي المهموم و المغضوب عليه بعروبته. لم نقف يوما موقفا واحدا حازما و مشرفا ربما من السبعينات على أقرب تقدير. كانت كلها ردات فعل بلغة مهترئة من وزير بائس.
ما كان ينقصنا أن نعرف أنه بعد الثورة سيتغير موقفنا و ننتقل لمرحلة جديدة هي مرحلة التصفيق و تأييد اسرائيل و نكتشف أن ربيع العمر العربي الذي راحوا في البلدان العربية دفاعا عن الحق في الحياة الكريمة للإنسان العربي و إيمانا بهذا الإنسان و رفضا و صراخا في وجه حقبة طحن فيهاالإنسان العربي و غلي و عجن و عفن في ظل أنظمة دكتاتورية تحكم كدمى بأجندة خارجية، تصيغ الديمقراطية و الحقوق و مفاهيمها على مزاجها و بما يتماشى مع أجندتها. المرحلة الجديدة التي انتقلنا إليها هي جديدة في طريقتها لكنها دائما في ظل التصفيق، الظاهر أن التصفيق حالة صداع صارت تنتاب المثقف العربي كصداع القهوة و الشاي، فالثورات العربية و الحراكات الشبابية لم تستهو المثقفين و لا الكتاب العربي ليكتبوا فيها و سيسجل التاريخ في حالما أدت هذه الحراكات إلى تغيير الواقع العربي المهين سيسجل أنه حراك التغيير الشامل الأول في العالم الذي لم تكن مشاركة المثقفين و الكتاب فيه بارزة. الكتاب و المثقفون الذين كانوا على الهامش هم من ساهموا في الحراك و جاء الآخرون ليقطفوا ثمارا اتضح لهم لاحقا أن قطفها لا يزال يتطلب وقتا لا يمكن أن يصبر عليه إلا الذين زرعوها.
كتابنا و مثقفونا لم يخرجوا بعد قوقعة الكلمة المحدودة المدفوعة الثمن التي فرض عليهم العيش فيها منذ تخرجوا من جامعة للأنظمة التي تهاوت و رمى بهم للشارع إلى أن اعلنوا ولائهم فاحتضنهم و احتضن أقلامهم رغم الإستثناءات طبعا.
لا زال الكاتب و المثقف العربي كما هو في حين العالم يغلي و يقارب الإنفجار، تجده هو مشغولا بتقديم تفسيرات و تعريفات للماركسية و الشيوعية و الوسطية و الممانعة و الشر و الخير تجده غارقا حتى الأذنين في ألقاب لا تقدم و لا تؤخر هي وسائل السيطرة عليه و على أمته و امتلاك و احتجاز عقله في حيز ضيق. المثقف العربي مولع بالتصنيفات ستبتلع النيران فلسطين و أهلها و هو منشغل بتعريف الممانعة و المحور. لم يقدم الكاتب و المثقف العربي يوما بديلا و لا رؤية للإنسان العربي ظل دائما عالة عليه. لربما أقصى حد يمكن لهذا المثقف وصوله أن يحاول اليوم و بأي داع من الدواعي أن يبرر أو يبارك العدوان الإسرائيلي على سوريا.
حقا زمن النذالة و الرذالة و الضياع، جرب الإنسان العربي بقيادة مثقفيه و كتابه كل أنواع الذل و الإحتقار و هاهم يصلون به مرحلة الوقوف بين مصفقين و صامتين خلف الآلة العسكرية تقصف سوريا، بحماقة و سفاهة يريد إقحام حكومة و نظام مقحمين أًصلا و يعرفون أصلا كم هم أنذال و سافلون. يقول أحدهم : لماذا لا يرد النظام السوري على إسرائيل و يقول آخر قصفت سوريا مرارا و تكرارا و لم يرد. و يقول آخرون ليذهب إلى الجولان. مهما بلغ النظام السوري من حقارة و من وحشية و عنجهية فلا يحق لنا كعرب أن نعلن تأييد إسرائيل و كأننا ننتظر منها حلا. يا كتاب التملق و التشدق و مثقفي المناسبات أحترموا عقل إنسان عربي حتى و هو في أقصى مراحل التدمر و الإحباط. يقول مفكرون و يبقى مثقفون غارقون في تاطير آخرين بين ممانعة و خير و شر.
و ينتظر إنسان عربي بسيط و يقول: تبا لكم يا خراف..... 

Sunday, May 5, 2013

أمير الشعراء ... و غفير الساذجين

انطلقت منذ أيام الدورة الخامسة من مسابقة أمير الشعراء. المسابقة المتخصصة في الشعر الفصيح و التي يشارك فيها شعراء من البلدان العربية قاطبة و منظمة من طرف هيئة أبو ظبي. بدأت تسجيل حلقاتها و بثها مباشرة. لجنة التحكيم تتشكل من 3 دكاترة يناط بكل واحد منهم جانب من جوانب القصيدة جزائري و إماراتي و مصري. الجزائري مرجع لغوي و الإماراتي في المدارس الشعرية و المصري في هذا و ذا و أشياء أخرى.
شهدت الدورة الأولى من البرنامج نجاحا و إقبالا كبيرا و متابعة أكبر على مستوى موريتانيا بالخصوص حيث ضمت فطاحلة من الشعراء الشباب الذي لطالما صدحوا و أبدعوا كان من بينهم محمد ولد الطالب و البرغوثي و غيرهما. و كانت تعليقات لجنة التحكيم خالية من توجيهات المخرجين و المعدين، رغم أن الحشد القبلي حينها حضر و في موريتانيا بالتحديد إلا أن ولد الطالب كانت قصيدته تشفع له قبل التصويت، فكان ينتزع بلغته و قصيدته الإعجاب من الجميع قبل رسالة ال أس أم سي التي تفرغ الإبداع من معناه.
توالت الدورات بعد ذلك ثم احمر سهم أمير الشعراء و بدأ في الهبوط، فتحول لبرنامج تلفزيوني بامتياز يحاول جلب المشاهدين و استخدام الوسائل الإعلامية الحديثة التي لا تتماشى مع لغة الضاد و شعرها ، فطلب من لجنة التحكيم أو طلبت من نفسها أن تضيف تعليقات لا تمت للإحترام و لا للأدب و لا الآداب بصلة فصارت قدحا في أعراض الشعراء أكثر مما هي انتقاد لقصائدهم و إبداء ملاحظات في انتاجاتهم. ثم بعد ذلك دخل التصويت بشكل أقوى على الخط.
لا يختلف إثنان على أن الدورة الأولى شهدت نجومية محمد ولد الطالب كشاعر متمرن طالما كتب لغبار ساعات و ساحات الثانويات في نواكشوط مهمشا كمبدع و كرجل ينسج من اللغة موسيقى و سيمفونيات بديعة. كان و لحاجة في نفس أبوظبي لابد أن يكون الفائز بالدورة الأولى إماراتية فعكست معايير كثيرة في لحظات في قليلة و أعلن الشاعر الإماراتي الذي احترمه شأن الجميع أميرا.
في الدورة الموالية أحست الهيئة و لجنتها بشيء في نفسها بسبب ماجرى مع ولد الطالب في الدورة الأولى، كان ذلك في صالح شاعر موريتاني آخر انضاف إليه الحشد القبلي و الجهوي . ثم لن أنسى في الدورة التي تأهل فيه شاعر آخر وجد الموريتانيون أنفسهم وسيلة لتسويق  و ترويج البرنامج و إعطائه أكثر حتى مما يستحق من الإهتمام، ما جعل اللجان تلقي بشعرائهم إلى مصيدة ال أس أم أس معتمدة على حشد مجتمع الفراغ و انقماسه في أمور من هذا القبيل.
لن أنسى حين صدفة التقيت اصدقاء لي و اقتادوني لبيت قضيت فيه يوما بطوله تقريبا و كانوا هم يعملون على مدار الساعة فرق و جماعات فقط اضغط الزر كذا و كذا قصد التصويت لشاعر معين و ساهمت الدولة بمئات آلاف من الأوقية و طيلة أسبوع ثم بعد كل ذلك و رغم القصيدة ألقي بصاحبنا لمرتبة دون ما أريد.
البرنامج رغم أن الشعراء وجدوه ملجئا في وقت كانوا فيه و هم و شعرهم عرضة للإهمال و التهميش في ظل انغماس القاريء العربي في شعر آخر الشعراء الذي عاصروا القلة الباقية من الجيل الذي يقرأ الشعر على غرار درويش و معاصروه. نعم شكل البرنامج ملجئا و املا ، لكن التصويت شكل صدمة لقصائد كان الجميع يتفق على ريادتها. و الضربة القاضية الآن هي في تعليقات موجهة بغية التشويق حتى وصلت حد الاستهتار و السخرية من الشعراء و بدل إحياء إبداعهم اغتياله بطريقة بشعة لا تمت للشعر و لا الأدب بصلة.

في هذه الدورة قرأت مرة صدفة أن 12 شاعرا موريتانيا توجهوا إلى أبوظبي ، ربما لم يكن الكثير منهم يطمح لأكثر من استغلال طائرة و الوصول إلى أبوظبي و التقاط صورة أو اثنتين رغم ذلك كان هنالك شعراء يعرفون أن لديهم قصائد قادرة على المنافسة. بين هؤلاء و أولئك كانت هنالك لجنة لها هي الأخرى رأيها. 12 شاعرا رقم محترم لكن حين يتقلص إلى اثنين يرمى بأحدهم لل أس أم أس و يبدأ الحشد القبلي له و جمع التبرعات ، فتلك التبرعات و التي سبقتها الأولى أن تصرف في شيء آخر ، اللهم إلا إذا ما كانت استثمارا ينتظر من خلفه أن يجنى 3 أو 4 ملايين من الاوقية أما من يبحث عن سمعة البلد فلينس لأن هنالك لم يعد المكان المناسب لرفع علمها و لا تحسين سمعتها و إما إ ذا ما تعلق الأمر بالقبيلة فذلك أمر آخر.
ألقي بهذا للتصويت و لربما الثاني في الطريق ليس لأن قصائدهم ضعيفة بل في موريتانيا لا يزال الشعراء يعرفون من أن يؤكل و كيف يطبخ كتف القصيد. بل لأن تلك فرصة لزيادة الزخم على الأقل في بلد من 3 ملايين شخص يعاني عقدة التهميش في محيطه العربي. لا نريد بردة و لاخاتم نشتريها و تعزز فينا الحشد القبلي و الفئوي ، إن كان هنالك من سيعطيها فليكن ضليعا بالقصيدة و أشيائها و ليقف و يقل قصيدة تستحق الخاتم و البردة و إما طريقة الأس أم أس هذه فهي اللعبة الإعلامية التي تفسد كل ما كانت حاضرة فيه.
دعونا و لو لمرة نقوم بأي شيء دون عقلية العبثية و السيبة و دون أجندة قبلية. لا تعطوا أي شيء أكثر مما يستحق فذلك دليل على السذاجة أكثر من أي يكون دليلا على أي شيء آخر كحب الوطن مثلا.